عليه فحطني عشرين درهما، قَالَ: أحسنت، اقطع أحدهما قميصا، واجعل الآخر رداء لي ففعلت، فلبس القميص خمسة عشر يوما لم يلبس غيره.
وذكر مولى لعبد الصمد بْن علي، قَالَ: سمعت عبد الصمد يقول:
إن المنصور كان يأمر أهل بيته بحسن الهيئة وإظهار النعمة وبلزوم الوشي والطيب، فإن رأى أحدا منهم قد أخل بذلك أو أقل منه، قَالَ: يا فلان، ما أرى وبيص الغالية في لحيتك، وإني لأراها تلمع في لحية فلان، فيشحذهم بذلك على الإكثار من الطيب ليتزين بهيئتهم وطيب أرواحهم عند الرعية، ويزينهم بذلك عندهم، وإن رأى على أحد منهم وشيا طاهرا عضه بلسانه.
وذكر عن أحمد بْن خالد، قَالَ: كان المنصور يسأل مالك بْن أدهم كثيرا عن حديث عجلان بْن سهيل، أخي حوثرة بْن سهيل، قَالَ: كنا جلوسا مع عجلان، إذ مر بنا هشام بْن عبد الملك، فقال رجل من القوم:
قد مر الأحول، قَالَ: من تعني؟ قَالَ: هشاما، قَالَ: تسمي أمير المؤمنين بالنبز! والله لولا رحمك لضربت عنقك، فقال المنصور: هذا والله الذي ينفع مع مثله المحيا والممات.
وقال أحمد بْن خالد: قَالَ إبراهيم بْن عيسى: كان للمنصور خادم أصفر إلى الأدمة، ماهر لا بأس به، فقال له المنصور يوما: ما جنسك؟
قَالَ: عربي يا أمير المؤمنين، قَالَ: ومن أي العرب أنت؟ قَالَ: من خولان، سبيت من اليمن، فأخذني عدو لنا، فجبني فاسترققت، فصرت إلى بعض بني أمية، ثم صرت إليك قَالَ: أما إنك نعم الغلام، ولكن لا يدخل قصري عربي يخدم حرمي، اخرج عافاك الله، فاذهب حيث شئت! وذكر أحمد بْن إبراهيم بْن إسماعيل بْن داود بْن معاوية بْن بكر- وكان من الصحابة- أن المنصور ضم رجلا من اهل الكوفة، يقال له الفضيل بْن عمران، إلى ابنه جعفر، وجعله كاتبه، وولاه أمره، فكان منه بمنزلة أبي عبيد الله