من المهدي، وقد كان أبو جعفر أراد أن يبايع لجعفر بعد المهدي، فنصبت أم عبيد الله حاضنة جعفر للفضيل بْن عمران، فسعت به إلى المنصور، وأومأت إلى أنه يعبث بجعفر قَالَ: فبعث المنصور الريان مولاه وهارون بْن غزوان مولى عثمان بْن نهيك إلى الفضيل- وهو مع جعفر بحديثة الموصل- وقال: إذا رأيتما فضيلا فاقتلاه حيث لقيتماه، وكتب لهما كتابا منشورا، وكتب إلى جعفر يعلمه ما أمرهما به، وقال: لا تدفعا الكتاب إلى جعفر حتى تفرغا من قتله قَالَ: فخرجا حتى قدما على جعفر، وقعدا على بابه ينتظران الإذن، فخرج عليهما فضيل، فأخذاه وأخرجا كتاب المنصور، فلم يعرض لهما أحد، فضربا عنقه مكانه، ولم يعلم جعفر حتى فرغا منه- وكان الفضيل رجلا عفيفا دينا- فقيل للمنصور: إن الفضيل كان أبرأ الناس مما رمي به، وقد عجلت عليه فوجه رسولا، وجعل له عشرة آلاف درهم أن أدركه قبل أن يقتل، فقدم الرسول قبل أن يجف دمه.
فذكر معاوية بْن بكر عن سويد مولى جعفر، أن جعفرا أرسل إليه، فقال:
ويلك! ما يقول أمير المؤمنين في قتل رجل عفيف دين مسلم بلا جرم ولا جناية! قَالَ سويد: فقلت: هو أمير المؤمنين يفعل ما يشاء، وهو أعلم بما يصنع، فقال: يا ماص بظر أمه، أكلمك بكلام الخاصة وتكلمني بكلام العامة! خذوا برجله فألقوه في دجلة قَالَ فأخذت، فقلت: أكلمك، فقال: دعوه، فقلت: أبوك إنما يسأل عن فضيل، ومتى يسأل عنه، وقد قتل عمه عبد الله بْن عبد الله بْن علي، وقد قتل عبد الله بْن الحسن وغيره من اولاد رسول الله ص ظلما، وقتل أهل الدنيا ممن لا يحصى ولا يعد! هو قبل أن يسأل عن فضيل جرذانة تجب خصى فرعون قَالَ: فضحك، وقال: دعوه إلى لعنة الله.
وقال قعنب بن محرز: أخبرنا محمد بن عائد مولى عثمان بْن عفان أن حفصا الأموي الشاعر، كان يقال له حفص بْن أبي جمعة، مولى عباد بْن زياد، وكان المنصور صيره مؤدبا للمهدي في مجالسه، وكان مداحا لبني أمية في أيام بني أمية وأيام المنصور، فلم ينكر عليه ذلك المنصور، ولم يزل مع المهدي