أحسن أيام، ودهره أحسن دهر قَالَ: ولم يلبث إلا أياما يسيرة، ثم اعتل موسى ومات، وكانت علته ثلاثة أيام.
قَالَ عمرو الرومي: أفضت الخلافة إلى هارون، فزوج حمدونة من جعفر ابن موسى، وفاطمة من إسماعيل بْن موسى، ووفى بكل ما قَالَ، وكان دهره أحسن الدهور.
وذكر أن الهادي كان قد خرج إلى الحديثة، حديثة الموصل، فمرض بها، واشتد مرضه، فانصرف فذكر عمرو اليشكري- وكان في الخدم- قَالَ:
انصرف الهادي من الحديثة بعد ما كتب إلى جميع عماله شرقا وغربا بالقدوم عليه، فلما ثقل اجتمع القوم الذين كانوا بايعوا لجعفر ابنه، فقالوا: إن صار الأمر إلى يحيى قتلنا ولم يستبقنا، فتآمروا على أن يذهب بعضهم إلى يحيى بأمر الهادي، فيضرب عنقه ثم قالوا: لعل أمير المؤمنين يفيق من مرضه، فما عذرنا عنده! فأمسكوا ثم بعثت الخيزران إلى يحيى تعلمه أن الرجل لمآبه، وتأمره بالاستعداد لما ينبغي، وكانت المستولية على أمر الرشيد وتدبير الخلافة إلى ان هلك، فأحضر الكتاب وجمعوا في منزل الفضل بْن يحيى، فكتبوا لليلتهم كتبا من الرشيد إلى العمال بوفاة الهادي، وأنهم قد ولاهم الرشيد ما كانوا يلون، فلما مات الهادي أنفذوها على البرد.
وذكر الفضل بْن سعيد، أن أباه حدثه أن الخيزران كانت قد حلفت ألا تكلم موسى الهادي، وانتقلت عنه، فلما حضرته الوفاة، وأتاها الرسول فأخبرها بذلك، فقالت: وما أصنع به؟ فقالت لها خالصة: قومي إلى ابنك أيتها الحرة، فليس هذا وقت تعتب ولا تغضب فقالت: أعطوني ماء أتوضأ للصلاة، ثم قالت: أما إنا كنا نتحدث أنه يموت في هذه الليلة خليفة، ويملك خليفة، ويولد خليفة، قَالَ: فمات موسى، وملك هارون، وولد المأمون.
قَالَ الفضل: فحدثت بهذا الحديث عبد الله بْن عبيد الله، فساقه لي مثل ما حدثنيه أبي، فقلت: فمن أين كان للخيزران هذا العلم؟ قَالَ: إنها كانت قد سمعت من الأوزاعي