نعم، فدخلت عليه وهو نائم، وهما جميعا معها، فقعدا على وجهه حتى مات قَالَ: ثم أنها سقتهما نبيذا حتى تهوعا حول الفراش، ثم أخرجتهما ووضعت عند رأسه قنينة، فلما أصبح اجتمع أهله، فقالت: سكر فقاء فشرق فمات فاخذ الغلامان، فضربا ضربا مبرحا، فأقرا بقتله، وأنها أمرتهما بذلك، فأخرجت من الدار ولم تورث.
وذكر أبو الخطاب أن جعفر بْن يحيى بْن خالد حدثه ليلة وهو في سمرة، قَالَ: دعا الرشيد اليوم بيحيى بْن عبد الله بْن حسن، وقد حضره أبو البختري القاضي ومحمد بْن الحسن الفقيه صاحب أبي يوسف، وأحضر الأمان الذي كان أعطاه يحيى، فقال لمحمد بْن الحسن: ما تقول في هذا الأمان؟ أصحيح هو؟ قَالَ: هو صحيح، فحاجه في ذلك الرشيد، فقال له محمد بْن الحسن:
ما تصنع بالأمان؟ لو كان محاربا ثم ولى كان آمنا فاحتملها الرشيد على محمد بْن الحسن، ثم سأل أبا البختري أن ينظر في الامان، فقال ابو البختري:
هذا منتقض من وجه كذا وكذا، فقال الرشيد: أنت قاضي القضاة، وأنت أعلم بذلك، فمزق الأمان، وتفل فيه أبو البختري- وكان بكار بْن عبد الله بن مصعب حاضرا المجلس- فأقبل على يحيى بْن عبد الله بوجهه، فقال: شققت العصا، وفارقت الجماعة، وخالفت كلمتنا، وأردت خليفتنا، وفعلت بنا وفعلت فقال يحيى: ومن أنتم رحمكم الله! قَالَ جعفر: فو الله ما تمالك الرشيد أن ضحك ضحكا شديدا قَالَ: وقام يحيى ليمضي إلى الحبس، فقال له الرشيد: انصرف، أما ترون به أثر علة! هذا الآن إن مات قَالَ الناس: سموه قَالَ يحيى: كلا ما زلت عليلا منذ كنت في الحبس، وقبل ذلك أيضا كنت عليلا قَالَ أبو الخطاب: فما مكث يحيى بعد هذا إلا شهرا حتى مات.
وذكر ابو يونس إسحاق بن اسمعيل، قَالَ: سمعت عبد الله بْن العباس بْن الحسن بْن عبيد الله بْن العباس بْن علي، الذي يعرف بالخطيب، قَالَ:
كنت يوما على باب الرشيد أنا وأبي، وحضر ذلك اليوم من الجند والقواد الم أر مثلهم على باب خليفة قبله ولا بعده، قَالَ: فخرج الفضل بْن الربيع