للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أبي، فقال له: ادخل، ومكث ساعة ثم خرج إلي، فقال: ادخل، فدخلت، فإذا أنا بالرشيد معه امرأة يكلمها، فأومأ إلي أبي أنه لا يريد أن يدخل اليوم أحد، فاستأذنت لك لكثرة من رأيت حضر الباب، فإذا دخلت هذا المدخل زادك ذلك نبلا عند الناس فما مكثنا إلا قليلا حتى جاء الفضل ابن الربيع، فقال: إن عبد الله بْن مصعب الزبيري يستأذن في الدخول، فقال: إني لا أريد أن أدخل اليوم أحدا، فقال: قَالَ: إن عندي شيئا أذكره فقال: قل له يقله لك، قَالَ: قد قلت له ذلك، فزعم أنه لا يقوله إلا لك، قَالَ: أدخله وخرج ليدخله، وعادت المرأة وشغل بكلامها، وأقبل علي أبي، فقال: إنه ليس عنده شيء يذكره، وإنما أراد الفضل بهذا ليوهم من على الباب أن أمير المؤمنين لم يدخلنا لخاصة خصصنا بها، وإنما أدخلنا لأمر نسأل عنه كما دخل هذا الزبيري.

وطلع الزبيري، فقال: يا امير المؤمنين، هاهنا شيء أذكره، فقال له:

قل، فقال له: انه سر، فقال: ما من العباس سر، فنهضت، فقال:

ولا منك يا حبيبي، فجلست، فقال: قل، فقال: إني والله قد خفت على أمير المؤمنين من امرأته وبنته وجاريته التي تنام معه، وخادمه الذي يناوله ثيابه واخص خلق الله به من قواده، وأبعدهم منه قَالَ: فرأيته قد تغير لونه، وقال: مما ذا؟ قَالَ: جاءتني دعوة يحيى بْن عبد الله بْن حسن، فعلمت أنها لم تبلغني مع العداوة بيننا وبينهم، حتى لم يبق على بابك أحدا إلا وقد أدخله في الخلاف عليك قَالَ: فتقول له هذا في وجهه! قَالَ: نعم، قَالَ الرشيد: أدخله، فدخل، فأعاد القول الذي قَالَ له، فقال يحيى بْن عبد الله:

والله يا أمير المؤمنين لقد جاء بشيء لو قيل لمن هو أقل منك فيمن هو اكبر مني، وهو مقتدر عليه لما أفلت منه أبدا، ولي رحم وقرابة، فلم لا تؤخر هذا الأمر ولا تعجل، فلعلك أن تكفى مئونتي بغير يدك ولسانك، وعسى بك أن تقطع رحمك من حيث لا تعلمه! أباهله بين يديك وتصبر قليلا فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>