يا عبد الله، قم فصل إن رأيت ذلك، وقام يحيى فاستقبل القبلة، فصلى ركعتين خفيفتين، وصلى عبد الله ركعتين، ثم برك يحيى، ثم قَالَ: ابرك، ثم شبك يمينه في يمينه، وقال: اللهم إن كنت تعلم أني دعوت عبد الله بْن مصعب إلى الخلاف على هذا- ووضع يده عليه، وأشار إليه- فاسحتني بعذاب من عندك وكلني إلى حولي وقوتي، وإلا فكله إلى حوله وقوته، واسحته بعذاب من قبلك، آمين رب العالمين فقال عبد الله: آمين رب العالمين، فقال يحيى بْن عبد الله لعبد الله بْن مصعب: قل كما قلت، فقال عبد الله: اللهم إن كنت تعلم أن يحيى بْن عبد الله لم يدعني إلى الخلاف على هذا فكلني إلى حولي وقوتي واسحتني بعذاب من عندك، وإلا فكله إلى حوله وقوته، واسحته بعذاب من عندك آمين رب العالمين! وتفرقا، فأمر بيحيى فحبس في ناحية من الدار، فلما خرج وخرج عبد الله ابن مصعب أقبل الرشيد على أبي، فقال: فعلت به كذا وكذا، وفعلت به كذا وكذا، فعدد أياديه عليه، فكلمه أبي بكلمتين لا يدفع بهما عن عصفور، خوفا على نفسه، وأمرنا بالانصراف فانصرفنا فدخلت مع أبي أنزع عنه لباسه من السواد- وكان ذلك من عادتي- فبينما أنا أحل عنه منطقته، إذ دخل عليه الغلام، فقال: رسول عبد الله بن مصعب، فقال:
أدخله، فلما دخل قَالَ له: ما وراءك؟ قَالَ: يقول لك مولاي، أنشدك الله ألا بلغت إلي! فقال أبي للغلام: قل له: لم أزل عند أمير المؤمنين إلى هذا الوقت، وقد وجهت إليك بعبد الله، فما أردت أن تلقيه إلي فألقه إليه، وقال للغلام: اخرج فإنه يخرج في أثرك، وقال لي: إنما دعاني ليستعين بي على ما جاء به من الإفك، فإن أعنته قطعت رحمي من رسول الله ص، وإن خالفته سعى بي، وإنما يتدرق الناس بأولادهم، ويتقون بهم المكاره، فاذهب إليه، فكل ما قَالَ لك فليكن جوابك له: أخبر أبي، فقد وجهتك