المطعم، والمشرب، وطار في الملائكة، فكان إنسيا ملكيا أرضيا سمائيا.
ثم قام بعد إلياس بأمر بني إسرائيل- فيما حَدَّثَنَا ابن حميد، قال:
حَدَّثَنَا سلمة عن ابن إسحاق، قال: كما ذكر لي عن وهب بن منبه قَالَ:
ثم نبئ فيهم- يعني في بني إسرائيل- بعده يعني بعد إلياس- اليسع، فكان فيهم ما شاء الله أن يكون، ثم قبضه الله إليه، وخلفت فيهم الخلوف، وعظمت فيهم الخطايا، وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر، فيه السكينة وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون، فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت ويزحفون به معهم إلا هزم الله ذلك العدو.
والسكينة فيما ذكر ابن إسحاق عن وهب بن منبه عن بعض أهل العلم من بني إسرائيل رأس هرة ميتة، فإذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر، وجاءهم الفتح.
ثم خلف فيهم ملك يقال له إيلاف، وكان الله قد بارك لهم في جبلهم من إيليا، لا يدخله عليهم عدو، ولا يحتاجون معه إلى غيره، فكان أحدهم- فيما يذكرون- يجمع التراب على الصخرة، ثم ينبذ فيه الحب، فيخرج الله له ما يأكل منه سنه وهو وعياله، ويكون لأحدهم الزيتونة فيعتصر منها ما يأكل، هو وعياله سنة، فلما عظمت أحداثهم، وتركوا عهد الله إليهم، نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت كما كانوا يخرجونه، ثم زحفوا به فقوتلوا حتى استلب من أيديهم، فأتى ملكهم إيلاف، فأخبر أن التابوت قد أخذ واستلب، فمالت عنقه فمات كمدا عليه، فمرج أمرهم بينهم واختلف ووطئهم عدوهم حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم، فمكثوا على اضطراب من أمرهم، واختلاف من أحوالهم يتمادون أحيانا في غيهم وضلالهم، فسلط الله عليهم من ينتقم به منهم، ويراجعون التوبة أحيانا فيكفيهم الله عند