قَالَ: وأمر الرشيد في تلك الليلة بتوجيه من أحاط بيحيى بْن خالد وجميع ولده ومواليه، ومن كان منهم بسبيل، فلم يفلت منهم أحد كان حاضرا، وحول الفضل بْن يحيى ليلا فحبس في ناحية من منازل الرشيد، وحبس يحيى ابن خالد في منزله، وأخذ ما وجد لهم من مال وضياع ومتاع وغير ذلك، ومنع أهل العسكر من أن يخرج منهم خارج إلى مدينة السلام أو إلى غيرها، ووجه من ليلته رجاء الخادم إلى الرقة في قبض أموالهم وما كان لهم، وأخذ كل ما كان من رقيقهم ومواليهم وحشمهم، وولاه أمورهم، وفرق الكتب من ليلته إلى جميع العمال في نواحي البلدان والأعمال بقبض أموالهم، وأخذ وكلائهم.
فلما أصبح بعث بجثة جعفر بْن يحيى مع شعبة الخفتاني وهرثمة بْن أعين وإبراهيم بْن حميد المروروذي، وأتبعهم عدة من خدمه وثقاته، منهم مسرور الخادم إلى منزل جعفر بْن يحيى، وإبراهيم بْن حميد وحسين الخادم إلى منزل الفضل بْن يحيى، ويحيى بْن عبد الرحمن ورشيد الخادم إلى منزل يحيى ومحمد ابن يحيى، وجعل معه هرثمة بْن أعين، وأمر بقبض جميع ما لهم، وكتب إلى السندي الحرشي بتوجيه جيفة جعفر إلى مدينة السلام، ونصب رأسه على الجسر الأوسط وقطع جثته، وصلب كل قطعة منها على الجسر الأعلى والجسر الأسفل ففعل السندي ذلك، وأمضى الخدم ما كانوا وجهوا فيه، وحمل عدة من أولاد الفضل وجعفر ومحمد الأصاغر إلى الرشيد، فأمر بإطلاقهم، وأمر بالنداء في جميع البرامكة: ألا أمان لمن آواهم إلا محمد بْن خالد وولده وأهله وحشمه، فإنه استثناهم، لما ظهر من نصيحة محمد له، وعرف براءته مما دخل فيه غيره من البرامكة وخلى سبيل يحيى قبل شخوصه من العمر، ووكل بالفضل ومحمد وموسى بني يحيى، وبأبي المهدي صهرهم حفظة من قبل هرثمة بْن أعين، إلى أن وافى بهم الرقة، فأمر الرشيد بقتل أنس بْن أبي شيخ يوم قدم الرقة، وتولى قتله إبراهيم بْن عثمان بْن نهيك، ثم صلب وحبس يحيى بْن خالد مع الفضل ومحمد في دير القائم، وجعل عليهم حفظة من قبل مسرور الخادم وهرثمة بْن أعين، ولم يفرق بينهم وبين عدة