إليه ثم مضى الرشيد عند انصراف هرثمة إليه إلى الري، فأقام بها نحوا من أربعة أشهر، حتى قدم عليه علي بْن عيسى من خراسان بالأموال والهدايا والطرف، من المتاع والمسك والجوهر وآنية الذهب والفضة والسلاح والدواب، وأهدى بعد ذلك إلى جميع من كان معه من ولده وأهل بيته وكتابه وخدمه وقواده على قدر طبقاتهم ومراتبهم، ورأى منه خلاف ما كان ظن به وغير ما كان يقال فيه فرضي عنه، ورده إلى خراسان، وخرج وهو مشيع له، فذكر أن البيعة أخذت للمأمون والقاسم بولاية العهد بعد أخويه محمد وعبد الله، وسمي المؤتمن حين وجه هارون هرثمة لذلك بمدينة السلام يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب من هذه السنة، فقال الحسن بْن هانئ في ذلك:
تبارك من ساس الأمور بعلمه ... وفضل هارونا على الخلفاء
نزال بخير ما انطوينا على التقى ... وما ساس دنيانا أبو الأمناء
وفي هذه السنة- حين صار الرشيد إلى الري- بعث حسينا الخادم إلى طبرستان، فكتب له ثلاثة كتب، من ذلك كتاب فيه أمان لشروين أبي قارن، والآخر فيه أمان لوندا هرمز، جد مازيار والثالث فيه أمان لمرزبان ابن جستان، صاحب الديلم فقدم عليه صاحب الديلم، فوهب له وكساه ورده وقدم عليه سعيد الحرشي بأربعمائة بطل من طبرستان، فأسلموا على يد الرشيد، وقدم وندا هرمز، وقبل الأمان، وضمن السمع والطاعة وأداء الخراج، وضمن على شروين مثل ذلك، فقبل ذلك منه الرشيد وصرفه، ووجه معه هرثمة فأخذ ابنه وابن شروين رهينة وقدم عليه الري أيضا خزيمة بْن خازم، وكان والي أرمينية، فأهدى هدايا كثيرة.
وفي هذه السنة ولى هارون عبد الله بْن مالك طبرستان والري والرويان