ودنباوند وقومس وهمذان وقال أبو العتاهية في خرجة هارون هذه- وكان هارون ولد بالري:
إن أمين الله في خلقه ... حن به البر إلى مولده
ليصلح الري وأقطارها ... ويمطر الخير بها من يده
وولى هارون في طريقه محمد بْن الجنيد الطريق ما بين همذان والري، وولى عيسى بْن جعفر بْن سليمان عمان، فقطع البحر من ناحية جزيرة ابن كاوان، فافتتح حصنا بها وحاصر آخر، فهجم عليه ابن مخلد الأزدي وهو غار، فأسره وحمله إلى عمان في ذي الحجة، وانصرف الرشيد بعد ارتحال علي بْن عيسى إلى خراسان عن الري بأيام، فأدركه الأضحى بقصر اللصوص، فضحى بها، ودخل مدينة السلام يوم الاثنين، لليلتين بقيتا من ذي الحجة، فلما مر بالجسر أمر بإحراق جثة جعفر بْن يحيى، وطوى بغداد ولم ينزلها، ومضى من فوره متوجها إلى الرقة، فنزل السيلحين وذكر عن بعض قواد الرشيد أن الرشيد قَالَ لما ورد بغداد: والله إني لأطوي مدينة ما وضعت بشرق ولا غرب مدينة أيمن ولا أيسر منها، وإنها لوطني ووطن آبائي، ودار مملكة بني العباس ما بقوا وحافظوا عليها، وما رأى أحد من آبائي سوءا ولا نكبة منها، ولا سيء بها أحد منهم قط، ولنعم الدار هي! ولكني أريد المناخ على ناحية أهل الشقاق والنفاق والبغض لأئمة الهدى والحب لشجرة اللعنة- بني أمية- مع ما فيها من المارقة والمتلصصة ومخيفي السبيل، ولولا ذلك ما فارقت بغداد ما حييت ولا خرجت عنها أبدا.
وقال العباس بْن الأحنف في طي الرشيد بغداد:
ما أنخنا حتى ارتحلنا فما نفرق ... بين المناخ والارتحال
ساءلونا عن حالنا إذ قدمنا ... فقرنا وداعهم بالسؤال