أكسبه فهو بيني وبينك؟ قَالَ: أفعل، فبعث إلى الحاجب: الزم غدا منزلك، فإني قد وليت ابن ابى مريم الحجابه وبكر ابن أبي مريم، فوضع له الكرسي، وأخذ الرشيد دواءه، وبلغ الخبر بطانته، فجاء رسول أم جعفر يسأل عن أمير المؤمنين وعن دوائه، فأوصله إليه، وتعرف حاله وانصرف بالجواب، وقال للرسول: أعلم السيدة ما فعلت في الإذن لك قبل الناس، فأعلمها، فبعثت إليه بمال كثير، ثم جاء رسول يحيى بْن خالد، ففعل به مثل ذلك، ثم جاء رسول جعفر والفضل، ففعل كذلك، فبعث إليه كل واحد من البرامكة بصلة جزيلة، ثم جاء رسول الفضل بْن الربيع فرده ولم يأذن له، وجاءت رسل القواد والعظماء، فما أحد سهل إذنه إلا بعث إليه بصلة جزيلة، فما صار العصر حتى صار إليه ستون ألف دينار، فلما خرج الرشيد من العلة، ونقي بدنه من الدواء دعاه، فقال له: ما صنعت في يومك هذا؟ قَالَ: يا سيدي، كسبت ستين ألف دينار، فاستكثرها وقال: وأين حاصلي؟ قَالَ:
معزول، قَالَ: قد سوغناك حاصلنا، فأهد إلينا عشرة آلاف تفاحة، ففعل، فكان أربح من تاجره الرشيد وذكر عن إسماعيل بْن صبيح، قَالَ: دخلت على الرشيد، فإذا جاريه على راسه، وفي يدها صحيفه وملعقة في يدها الأخرى، وهي تلعقه أولا فأولا، قَالَ: فنظرت إلى شيء أبيض رقيق فلم أدر ما هو! قَالَ: وعلم أني أحب أن أعرفه، فقال: يا إسماعيل بْن صبيح، قلت: لبيك يا سيدي، قَالَ: تدري ما هذا؟ قلت: لا، قَالَ: هذا جشيش الأرز والحنطة وماء نخالة السميد، وهو نافع للأطراف المعوجة وتشنيج الأعصاب ويصفي البشرة، ويذهب بالكلف، ويسمن البدن، ويجلو الأوساخ.
قَالَ: فلم تكن لي همة حين انصرفت إلا أن دعوت الطباخ، فقلت: بكر علي كل غداة بالجشيش، قَالَ: وما هو؟ فوصفت له الصفة التي سمعتها.
قَالَ: تضجر من هذا في اليوم الثالث، فعمله في اليوم الأول فاستطبته،