والله يا أمير المؤمنين سيرة العمرين قَالَ: فغضب واستشاط، وأخذ سفرجلة فرماه بها، وقال: يا بن اللخناء، العمرين، العمرين، العمرين! هبنا احتملناها لعمر بْن عبد العزيز، نحتملها لعمر بْن الخطاب! وذكر عبد الله بْن محمد بْن عبد الله بْن عبد العزيز بْن عبد الله بْن عبد الله ابن عمر بْن الخطاب، أن أبا بكر بْن عبد الرحمن بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر ابن عبد العزيز حدثه، عن الضحاك بْن عبد الله، وأثنى عليه خيرا، قَالَ:
أخبرني بعض ولد عبد الله بْن عبد العزيز، قَالَ: قَالَ الرشيد: والله ما أدري ما آمر في هذا العمري! أكره أن أقدم عليه وله خلف أكرههم، وإني لأحب أن أعرف طريقه ومذهبه، وما أثق بأحد أبعثه إليه، فقال عمر بن بزيع والفضل ابن الربيع: فنحن يا أمير المؤمنين، قَالَ: فأنتما، فخرجا من العرج إلى موضع من البادية يقال له خلص، وأخذا معهما أدلاء من أهل العرج، حتى إذا وردا عليه في منزله أتياه مع الضحى، فإذا هو في المسجد، فأناخا راحلتيهما ومن كان معهما من أصحابهما، ثم أتياه على زي الملوك من الريح والثياب والطيب، فجلسا إليه وهو في مسجد له، فقالا له: يا أبا عبد الرحمن، نحن رسل من خلفنا من أهل المشرق، يقولون لك: اتق الله ربك، فإذا شئت فقم فأقبل عليهما، وقال: ويحكما! فيمن ولمن! قالا: أنت، فقال: والله ما أحب أني لقيت الله بمحجمة دم امرئ مسلم، وإن لي ما طلعت عليه الشمس، فلما أيسا منه قالا: فإن معنا شيئا تستعين به على دهرك، قَالَ:
لا حاجة لي فيه، أنا عنه في غنى، فقالا له: إنها عشرون ألف دينار، قَالَ:
لا حاجة لي فيها، قالا: فأعطها من شئت، قَالَ: أنتما، فأعطياها من رأيتما، ما أنا لكما بخادم ولا عون قَالَ: فلما يئسا منه ركبا راحلتيهما حتى أصبحا مع الخليفة بالسقيا في المنزل الثاني، فوجدا الخليفة ينتظرهما، فلما دخلا عليه حدثاه بما كان بينهما وبينه، فقال: ما أبالي ما أصنع بعد هذا.
فحج عبد الله في تلك السنة، فبينا هو واقف على بعض أولئك الباعة يشتري لصبيانه، إذا هارون يسعى بين الصفا والمروة على دابة، إذ عرض له عبد الله