للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: بكلام وشعر، قَالَ: قلت: جدتها في أصل عذقها، وعذقها مسرح شأنها، قَالَ: فتبسم، فقلت له:

يا وادي القصر نعم القصر والوادي ... من منزل حاضر إن شئت أو بادي

ترى قراقيره والعيس واقفة ... والضب والنون والملاح والحادي

وذكر محمد بْن هارون، عن أبيه، قَالَ: حضرت الرشيد، وقال له الفضل بْن الربيع: يا أمير المؤمنين، قد أحضرت ابن السماك كما أمرتني، قَالَ:

أدخله، فدخل، فقال له: عظني، قَالَ: يا أمير المؤمنين، اتق الله وحده لا شريك له، واعلم أنك واقف غدا بين يدي الله ربك، ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالثة لهما، جنة أو نار قَالَ: فبكى هارون حتى اخضلت لحيته، فأقبل الفضل على ابن السماك، فقال: سبحان الله! وهل يتخالج أحدا شك في أن أمير المؤمنين مصروف إلى الجنة إن شاء الله! لقيامه بحق الله وعدله في عباده، وفضله! قَالَ: فلم يحفل بذلك ابن السماك من قوله، ولم يلتفت إليه، وأقبل على أمير المؤمنين، فقال: يا أمير المؤمنين، إن هذا- يعني الفضل بْن الربيع- ليس والله معك ولا عندك في ذلك اليوم، فاتق الله وانظر لنفسك قَالَ: فبكى هارون حتى أشفقنا عليه وأفحم الفضل بْن الربيع فلم ينطق بحرف حتى خرجنا.

قَالَ: ودخل ابن السماك على الرشيد يوما، فبينا هو عنده إذ استسقى ماء، فأتى بقلة من ماء، فلما أهوى بها إلى فيه ليشربها، قَالَ له ابن السماك: على رسلك يا أمير المؤمنين، بقرابتك من رسول الله ص، لو منعت هذه الشربه فبكم كنت تشتريها؟ قَالَ: بنصف ملكي، قَالَ: اشرب هنأك الله، فلما شربها، قَالَ له: أسألك بقرابتك من رسول الله ص، لو منعت خروجها من بدنك، فبماذا كنت تشتريها؟ قَالَ: بجميع ملكي، قَالَ ابن السماك: أن ملكا قيمته شربة ماء، لجدير ألا ينافس فيه فبكى هارون،

<<  <  ج: ص:  >  >>