ويزين له خلعه، حتى قَالَ له: ما تنتظر يا أمير المؤمنين بعبد الله والقاسم أخويك! فإن البيعة كانت لك متقدمة قبلهما، وإنما أدخلا فيها بعدك واحدا بعد واحد، وأدخل في ذلك من رأيه معه علي بْن عيسى بْن ماهان والسندي وغيرهما ممن بحضرته، فأزال محمدا عن رأيه.
فأول ما بدأ به محمد عن رأي الفضل بْن الربيع فيما دبر من ذلك، أن كتب إلى جميع العمال في الأمصار كلها بالدعاء لابنه موسى بالإمرة بعد الدعاء له وللمأمون والقاسم بن الرشيد، فذكر الفضل بْن إسحاق بْن سليمان ان المأمون لما بلغه ما امر به محمد من الدعاء لابنه موسى وعزله القاسم عما كان الرشيد ضم إليه من الأعمال وإقدامه إياه مدينة السلام، علم أنه يدبر عليه في خلعه، فقطع البريد عن محمد، واسقط اسمه من الطرز والضرب.
وكان رافع بْن الليث بْن نصر بْن سيار لما انتهى إليه من الخبر عن المأمون وحسن سيرته في أهل عمله وإحسانه إليهم، بعث في طلب الأمان لنفسه، فسارع إلى ذلك هرثمة وخرج رافع فلحق بالمأمون، وهرثمة بعد مقيم بسمرقند فأكرم المأمون رافعا وكان مع هرثمة في حصار رافع طاهر بن الحسين، فلما دخل رافع في الأمان، استأذن هرثمة المأمون في القدوم عليه، فعبر نهر بلخ بعسكره والنهر جامد، فتلقاه الناس، وولاه المأمون الحرس فأنكر ذلك كله محمد، فبدأ بالتدبير على المأمون، فكان من التدبير أنه كتب إلى العباس بْن عبد الله بْن مالك- وهو عامل المأمون على الري- وأمره أن يبعث إليه بغرائب غروس الري- مريدا بذلك امتحانه- فبعث اليه ما امره به، وكتم المأمون وذا الرياستين.
فبلغ ذلك من أمره المأمون، فوجه الحسن بن على المامونى واردفه بالرستمى على البريد، وعزل العباس بْن عبد الله بن مالك، فذكر عن الرستمي أنه لم ينزل عن دابته حتى اجتمع إليه ألف رجل من أهل الري.
ووجه محمد إلى المأمون ثلاثة أنفس رسلا: أحدهم العباس بْن موسى بْن عيسى، والآخر صالح صاحب المصلى، والثالث محمد بْن عيسى بْن نهيك،