وكتب معهم كتابا إلى صاحب الري، أن استقبلهم بالعدة والسلاح الظاهر.
وكتب إلى والي قومس ونيسابور وسرخس بمثل ذلك، ففعلوا ثم وردت الرسل مرو، وقد أعد لهم من السلاح وضروب العدد والعتاد، ثم صاروا إلى المأمون، فأبلغوه رسالة محمد بمسألته تقديم موسى على نفسه، ويذكر له أنه سماه الناطق بالحق، وكان الذي أشار عليه بذلك علي بْن عيسى بْن ماهان، وكان يخبره أن أهل خراسان يطيعونه، فرد المأمون ذلك وأباه قَالَ: فقال لي ذو الرئاستين: قَالَ العباس بْن موسى بْن عيسى بْن موسى: وما عليك أيها الأمير من ذلك، فهذا جدي عيسى بْن موسى قد خلع فما ضره ذلك، قَالَ: فصحت به: اسكت، فإن جدك كان في أيديهم أسيرا، وهذا بين أخواله وشيعته قَالَ: فانصرفوا، وأنزل كل واحد منهم منزلا قال ذو الرياستين: فأعجبني ما رأيت من ذكاء العباس بْن موسى، فخلوت به فقلت: ايذهب عليك في فهمك وسنك أن تأخذ بحظك من الإمام- وسمي المأمون في ذلك اليوم بالإمام ولم يسم بالخلافة، وكان سبب ما سمي به الإمام ما جاء من خلع محمد له، وقد كان محمد قَالَ للذين أرسلهم: قد تسمى المأمون بالإمام، فقال لي العباس: قد سميتموه الإمام! قَالَ: قلت له: قد يكون إمام المسجد والقبيلة، فإن وفيتم لم يضركم، وإن غدرتم فهو ذاك.
قَالَ: ثم قلت للعباس: لك عندي ولاية الموسم، ولا ولاية أشرف منها، ولك من مواضع الأعمال بمصر ما شئت.
قَالَ: فما برح حتى أخذت عليه البيعة للمأمون بالخلافة، فكان بعد ذلك يكتب إلينا بالأخبار، ويشير علينا بالرأي.
قَالَ: فأخبرني علي بْن يحيى السرخسي، قَالَ: مر بي العباس بْن موسى ذاهبا إلى مرو- وقد كنت وصفت له سيرة المأمون وحسن تدبير ذي الرياستين واحتماله الموضع، فلم يقبل ذلك مني- فلما رجع مر بي، فقلت له: كيف رأيت؟ قال: ذو الرياستين أكثر مما وصفت، فقلت: صافحت