للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينزع إليها، فلا تأخذ عليه مضايقها، وامل له ما لم تضطرك جريرته إلى مكاشفته بها، والرأي لزوم عروة الثقه، وحسم الفرقة، فان امسك فبنعمه وان تطلع إليها فقد تعرض لله بالمخالفة، وتعرضت منه بالإمساك للتأييد والمعونة.

قَالَ: وعلم المأمون والفضل أنه سيحدث بعد كتابه من الحدث ما يحتاج الى لمه، ومن الخبر ما يحتاج أن يباشره بالثقة من أصحابه، وأنه لا يحدث في ذلك حدثا دون مواطأة رجال النباهة والأقدار من الشيعة وأهل السابقة، فرأى أن يختار رجلا يكتب معه إلى أعيان أهل العسكر من بغداد، فإن أحدث محمد خلعا للمأمون صار الى دفعها، وتلطف لعلم حالات أهلها، وإن لم يفعل من ذلك شيئا خنس في حقته، وأمسك عن إيصالها، وتقدم إليه في التعجيل.

ولما قدم أوصل الكتب، وكان كتابه مع الرسول الذي وجهه لعلم الخبر:

أما بعد، فإن أمير المؤمنين كأعضاء البدن، يحدث العلة في بعضها، فيكون كره ذلك مؤلما لجميعها، وكذلك الحدث في المسلمين، يكون في بعضهم فيصل كره ذلك إلى سائرهم، للذي يجمعهم من شريعة دينهم، ويلزمهم من حرمه اخوتهم، ثم ذلك من الأئمة أعظم للمكان الذي به الأئمة من سائر أممهم، وقد كان من الخبر ما لا احسبه الا سيعرب عن محنته، ويسفر عما استتر من وجهه، وما اختلف مختلفان فكان أحدهما مع امر الله إلا كان أول معونة المسلمين وموالاتهم في ذات الله، وأنت يرحمك الله من الأمر بمرأى ومسمع، وبحيث إن قلت آذن لقولك، وإن لم تجد للقول مساغا فأمسكت عن مخوف أقتدي فيه بك، ولن يضيع علي الله ثواب الإحسان مع ما يجب علينا بالإحسان من حقك، ولحظ حاز لك النصيبين أو أحدهما أمثل من الإشراف لأحد الحظين، مع التعرض لعدمهما، فاكتب إلي برأيك، وأعلم ذلك لرسولي ليؤديه إلي عنك إن شاء الله.

وكتب إلى رجال النباهة من أهل العسكر بمثل ذلك.

قَالَ: فوافق قدوم الرسول بغداد ما أمر به من الكف عن الدعاء للمأمون

<<  <  ج: ص:  >  >>