في الخطبة يوم الجمعة، وكان بمكان الثقة من كل من كتب إليه معه، فمنهم من أمسك عن الجواب وأعرب للرسول عما في نفسه، ومنهم من أجاب عن كتابه، فكتب أحدهم:
أما بعد فقد بلغني كتابك وللحق برهان يدل على نفسه تثبت به الحجة على كل من صار إلى مفارقته، وكفى غبنا بإضاعة حظ من حظ العاقبه، لمامول من حظ عاجله، وأبين من الغبن إضاعة حظ عاقبه مع التعرض للنكبة والوقائع، ولى من العلم بمواضع حظى ما أرجو أن يحسن معه النظر مني لنفسي، ويضع عني مؤنة استزادتي إن شاء الله قال: وكتب الرسول المتوجه الى بغداد الى المأمون وذي الرياستين:
أما بعد، فإني وافيت البلدة، وقد أعلن خليطك بتنكره، وقدم علما من اعتراضه ومفارقته وامسك عما كان يجب ذكره وتوفيته بحضرته، ودفعت كتبك فوجدت أكثر الناس ولاة السريره ونفاه العلانية، ووجدت المشرفين بالرعية لا يحوطون الا عنها ولا يبالون ما احتملوا فيها، والمنازع مختلج الرأي، لا يجد دافعا منه عن همه، ولا راغبا في عامه، والمحلون بانفسهم يحلون تمام الحدث، ليسلموا من منهزم حدثهم، والقوم على جد، ولا تجعلوا للتوانى في امركم نصيبا إن شاء الله والسلام.
قَالَ: ولما قدم على محمد من معسكر المأمون سعيد بْن مالك بْن قادم وعبد الله بْن حميد بْن قحطبة والعباس بْن الليث مولى أمير المؤمنين ومنصور بْن أبي مطر وكثير بْن قادره، الطفهم وقربهم، وأمر لمن كان قبض منهم الستة الأشهر برزق اثني عشر شهرا، وزادهم في الخاصة والعامة، ولمن لم يقبضها بثمانية عشر شهرا.
قال: ولما عزم محمد على خلع المأمون دعا يحيى بْن سليم فشاوره في ذلك، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين، كيف بذلك لك مع ما قد وكد الرشيد من بيعته، وتوثق بها من عهده، والأخذ للأيمان والشرائط في الكتاب الذي