للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطانه، وغاره على ما في يده، والكريم يأكل لحمه ويمنعه غيره، فاعرف لعبد الله حق والده وأخوته، ولا تجبهه بالكلام، فإنك لست نظيره، ولا تقتسره اقتسار العبيد، ولا ترهقه بقيد ولا غل، ولا تمنع منه جارية ولا خادما، ولا تعنف عليه في السير، ولا تساوه في المسير، ولا تركب قبله، ولا تستقل على دابتك حتى تأخذ بركابه، وإن شتمك فاحتمل منه، وإن سفه عليك فلا تراده ثم دفعت إليه قيدا من فضة، وقالت: إن صار في يدك فقيده بهذا القيد فقال لها: سأقبل أمرك، وأعمل في ذلك بطاعتك.

وأظهر محمد خلع المأمون، وبايع لابنيه- في جميع الآفاق إلا خراسان- موسى وعبد الله، واعطى عند بيعتهما بني هاشم والقواد والجند الأموال والجوائز، وسمى موسى الناطق بالحق، وسمى عبد الله القائم بالحق ثم خرج علي بْن عيسى لسبع ليال خلون من شعبان سنة خمس وتسعين ومائة من بغداد حتى عسكر بالنهروان، وخرج معه يشيعه محمد، وركب القواد والجنود، وحشرت الأسواق، وأشخص معه الصناع والفعلة، فيقال: أن عسكره كان فرسخا بفسطاطيه وأهبته وأثقاله، فذكر بعض أهل بغداد أنهم لم يروا عسكرا كان أكثر رجالا، وأفره كراعا، وأظهر سلاحا، وأتم عدة، وأكمل هيئة، من عسكره.

وذكر عمرو بْن سعيد أن محمدا لما جاز باب خراسان نزل على فترجل، وأقبل يوصيه، فقال: امنع جندك من العبث بالرعية والغارة على أهل القرى وقطع الشجر وانتهاك النساء، وول الري يحيى بْن علي، واضمم إليه جندا كثيفا، ومره ليدفع الى جنده أرزاقهم مما يجبى من خراجها، وول كل كورة ترحل عنها رجلا من أصحابك، ومن خرج إليك من جند أهل خراسان ووجوهها فأظهر إكرامه وأحسن جائزته، ولا تعاقب أخا بأخيه، وضع عن أهل خراسان ربع الخراج، ولا تؤمن أحدا رماك بسهم، أو طعن في أصحابك برمح، ولا تأذن لعبد الله في المقام أكثر من ثلاثة من اليوم الذي تظهر فيه عليه، فإذا اشخصته فليكن مع أوثق أصحابك عندك، فإن غره الشيطان فناصبك

<<  <  ج: ص:  >  >>