للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاحرص على أن تأسره أسرا، وإن هرب منك إلى بعض كور خراسان، فتول إليه المسير بنفسك أفهمت كل ما أوصيك به؟ قَالَ: نعم، أصلح الله أمير المؤمنين! قَالَ: سر على بركة الله وعونه! وذكر أن منجمه أتاه فقال: أصلح الله الأمير! لو انتظرت بمسيرك صلاح القمر، فإن النحوس عليه عالية، والسعود عنه ساقطة منصرفة! فقال لغلام له: يا سعيد، قل لصاحب المقدمة يضرب بطبله ويقدم علمه، فإنا لا ندري ما فساد القمر من صلاحه، غير أنه من نازلنا نازلناه، ومن وادعنا وادعناه وكففنا عنه، ومن حاربنا وقاتلنا لم يكن لنا إلا ارواء السيف من دمه إنا لا نعتد بفساد القمر، فإنا وطنا أنفسنا على صدق اللقاء ومناجزة الأعداء.

قَالَ أبو جعفر: وذكر بعضهم أنه قَالَ: كنت فيمن خرج في عسكر علي بْن عيسى بْن ماهان، فلما جاز حلوان لقيته القوافل من خراسان، فكان يسألها عن الأخبار، يستطلع علم أهل خراسان، فيقال له: إن طاهرا مقيم بالري يعرض أصحابه، ويرم آلته، فيضحك ثم يقول: وما طاهر! فو الله ما هو إلا شوكة من أغصاني، أو شرارة من ناري، وما مثل طاهر يتولى على الجيوش، ويلقى الحروب، ثم التفت إلى أصحابه فقال: والله ما بينكم وبين أن ينقصف انقصاف الشجر من الريح العاصف، إلا أن يبلغه عبورنا عقبة همذان، فإن السخال لا تقوى على النطاح، والثعالب لا صبر لها على لقاء الأسد، فإن يقم طاهر بموضعه يكن أول معرض لظباة السيوف وأسنة الرماح.

وذكر يزيد بْن الحارث أن علي بْن عيسى لما صار إلى عقبة همذان استقبل قافلة قدمت من خراسان، فسألهم عن الخبر، فقالوا: إن طاهرا مقيم بالري، وقد استعد للقتال، واتخذ آلة الحرب، وإن المدد يترى عليه من خراسان وما يليها من الكور، وإنه في كل يوم يعظم أمره، ويكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>