للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل ينادي أصحابه: أين أصحاب الأسورة والأكاليل! يا معشر الأبناء، إلى الكرة بعد الفرة، معاودة الحرب من الصبر فيها ورماه رجل من أصحاب طاهر بسهم فقتله، ووضعوا فيهم السيوف يقتلونهم ويأسرونهم، حتى حال الليل بينهم وبين الطلب، وغنموا غنيمة كثيرة، ونادى طاهر في أصحاب علي:

من وضع سلاحه فهو آمن، فطرحوا أسلحتهم، ونزلوا عن دوابهم، ورجع طاهر إلى مدينة الري، وبعث بالأسرى والرءوس إلى المأمون.

وذكر أن عبد الله بْن علي بْن عيسى طرح نفسه في ذلك اليوم بين القتلى، وقد كانت به جراحات كثيرة، فلم يزل بين القتلى متشبها بهم يومه وليلته، حتى أمن الطلب، ثم قام فانضم إلى جماعة من فل العسكر، ومضى إلى بغداد، وكان من أكابر ولده.

وذكر سفيان بْن محمد أن عليا لما توجه إلى خراسان بعث المأمون إلى من كان معه من القواد يعرض عليهم قتاله رجلا رجلا، فكلهم يصرح بالهيبة، ويعتل بالعلل، ليجدوا إلى الإعفاء من لقائه ومحاربته سبيلا.

وذكر بعض أهل خراسان أن المأمون لما أتاه كتاب طاهر، بخبر علي وما أوقع الله به، قعد للناس، فكانوا يدخلون فيهنئونه ويدعون له بالعز والنصر.

وإنه في ذلك اليوم اعلن خلع محمد، ودعى له بالخلافة في جميع كور خراسان وما يليها، وسر أهل خراسان، وخطب بها الخطباء، وأنشدت الشعراء، وفي ذلك يقول شاعر من اهل خراسان:

أصبحت الأمة في غبطة ... من أمر دنياها ومن دينها

إذ حفظت عهد إمام الهدى ... خير بني حواء مأمونها

على شفا كانت فلما وفت ... تخلصت من سوء تحيينها

قامت بحق الله إذ زبرت ... في ولده كتب دواوينها

ألا تراها كيف بعد الردى ... وفقها الله لتزيينها!

وهي أبيات كثيره

<<  <  ج: ص:  >  >>