للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتنصرن المظلوم منهما على الظالم، والمبغى عليه على الباغي، والمغدور به على الغادر، ألا وقد علمتم وعلمنا أن محمد بْن هارون قد بدأ بالظلم والبغي والغدر، وخالف الشروط التي أعطاها من نفسه في بطن البيت الحرام، وقد حل لنا ولكم خلعه من الخلافة وتصييرها إلى المظلوم المبغي عليه المغدور به.

ألا وإني أشهدكم أني قد خلعت محمد بْن هارون من الخلافة كما خلعت قلنسوتي هذه من رأسي- وخلع قلنسوته عن رأسه فرمى بها إلى بعض الخدم تحته، وكانت من برود حبرة مسلسلة حمراء، وأتى بقلنسوة سوداء هاشمية فلبسها- ثم قَالَ: قد بايعت لعبد الله عبد الله المأمون أمير المؤمنين بالخلافة، ألا فقوموا إلى البيعة لخليفتكم فصعد جماعة من الوجوه إليه إلى المنبر، رجل فرجل، فبايعه لعبد الله المأمون بالخلافة، وخلع محمدا، ثم نزل عن المنبر، وحانت صلاة العصر، فصلى بالناس، ثم جلس في ناحية المسجد، وجعل الناس يبايعونه جماعة بعد جماعة، يقرأ عليهم كتاب البيعة، ويصافحونه على كفه، ففعل ذلك أياما.

وكتب الى ابنه سليمان بْن داود بْن عيسى وهو خليفته على المدينة، يأمره أن يفعل بأهل المدينة مثل ما فعل هو بأهل مكة، من خلع محمد والبيعة لعبد الله المأمون فلما رجع جواب البيعة من المدينة إلى داود وهو بمكة، رحل من فوره بنفسه وجماعة من ولده يريد المأمون بمرو على طريق البصرة، ثم على فارس، ثم على كرمان، حتى صار إلى المأمون بمرو، فأعلمه ببيعته وخلعه محمدا ومسارعة أهل مكة وأهل المدينة إلى ذلك، فسر بذلك المأمون، وتيمن ببركة مكة والمدينة، إذ كانوا أول من بايعه، وكتب إليهم كتابا لينا لطيفا يعدهم فيه الخبر، ويبسط أملهم وأمر أن يكتب لداود عهد على مكة والمدينة وأعمالها من الصلاة والمعاون والجباية، وزيد له ولاية عك، وعقد له على ذلك ثلاثة ألوية، وكتب له إلى الري بمعونة خمسمائة ألف درهم، وخرج داود بْن عيسى مسرعا مغذا مبادرا لإدراك الحج، ومعه ابن أخيه العباس بن موسى ابن عيسى بْن موسى بْن محمد بْن علي بْن عبد الله بْن العباس، وقد عقد

<<  <  ج: ص:  >  >>