للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاهر خير لك من الخروج إلى هرثمة قَالَ محمد بْن عيسى: فقال لهم: ويحكم! أنا أكره طاهرا، وذلك أني رأيت في منامي كأني قائم على حائط من آجر شاهق في السماء، عريض الأساس وثيق، لم أر حائطا يشبهه في الطول والعرض والوثاقة، وعلى سوادي ومنطقتي وسيفي وقلنسوتي وخفي، وكان طاهر في أصل ذلك الحائط، فما زال يضرب أصله حتى سقط الحائط وسقطت، وندرت قلنسوتي من رأسي، وأنا أتطير من طاهر، وأستوحش منه، وأكره الخروج إليه لذلك، وهرثمة مولانا وبمنزلة الوالد، وأنا به أشد أنسا وأشد ثقة وذكر عن محمد بْن إسماعيل، عن حفص بْن أرميائيل، أن محمدا لما أراد أن يعبر من الدار بالقرار إلى منزل كان في بستان موسى- وكان له جسر في ذلك الموضع- أمر أن يفرش في ذلك المجلس ويطيب قَالَ: فمكثت ليلتي أنا وأعواني نتخذ الروائح والطيب ونكثب التفاح والرمان والأترج، ونضعه في البيوت، فسهرت ليلتي أنا وأعواني، ولما صليت الصبح دفعت إلى عجوز قطعة بخور من عنبر، فيها مائة مثقال كالبطيخة، وقلت لها: إني سهرت ونعست نعاسا شديدا، ولا بد لي من نومة، فإذا نظرت إلى أمير المؤمنين قد أقبل على الجسر، فضعي هذا العنبر على الكانون وأعطيتها كانونا من فضة صغيرا عليه جمر، وأمرتها أن تنفخ حتى تحرقها كلها، ودخلت حراقة فنمت، فما شعرت إلا وبالعجوز قد جاءت فزعة حتى أيقظتني، فقالت لي:

قم يا حفص، فقد وقعت في بلاء، قلت: وما هو؟ قالت: نظرت إلى رجل مقبل على الجسر منفرد، شبيه الجسم بجسم أمير المؤمنين، وبين يديه جماعة وخلفه جماعة، فلم أشك أنه هو، فأحرقت العنبرة، فلما جاء، فإذا هو عبد الله بْن موسى، وهذا أمير المؤمنين قد أقبل قَالَ: فشتمتها وعنفتها قَالَ: وأعطيتها أخرى مثل تلك لتحرقها بين يديه، ففعلت، وكان هذا من أوائل الأدبار.

وذكر علي بْن يزيد، قَالَ: لما طال الحصار على محمد، فارقه سليمان بْن أبي جعفر وإبراهيم بْن المهدي ومحمد بْن عيسى بْن نهيك، ولحقوا جميعا

<<  <  ج: ص:  >  >>