نفسي في سبيل الله! أما من حيلة! أما من مغيث! أما من أحد من الأبناء! قَالَ: وجاءوا حتى قاموا على باب البيت الذي نحن فيه، فأحجموا عن الدخول، وجعل بعضهم يقول لبعض: تقدم، ويدفع بعضهم بعضا قَالَ: فقمت فصرت خلف الحصر المدرجة في زاوية البيت، وقام محمد، فأخذ بيده وسادة، وجعل يقول: ويحكم! إني ابن عم رسول الله ص، أنا ابن هارون، وأنا أخو المأمون، الله الله في دمي! قَالَ: فدخل عليه رجل منهم يقال له خمارويه- غلام لقريش الدنداني مولى طاهر- فضربه بالسيف ضربة وقعت على مقدم رأسه، وضرب محمد وجهه بالوسادة التي كانت في يده، واتكأ عليه ليأخذ السيف من يده فصاح خمارويه: قتلني قتلني- بالفارسية قَالَ: فدخل منهم جماعة، فنخسه واحد منهم بالسيف في خاصرته، وركبوه فذبحوه ذبحا من قفاه، وأخذوا رأسه، فمضوا به إلى طاهر، وتركوا جثته.
قَالَ: ولما كان في وقت السحر جاءوا إلى جثته فأدرجوها في جل، وحملوها.
قَالَ: فبعثت إلى وكيلي فأتاني، فأمرته فأتاني بها، فدفعتها إليه قَالَ: وكان دخول محمد المدينة يوم الخميس، وخرج إلى دجلة يوم الأحد وذكر عن أحمد بْن سلام في هذه القصة أنه قَالَ: قلت لمحمد لما دخل علي البيت وسكن: لا جزى الله وزراءك خيرا، فإنهم أوردوك هذا المورد! فقال لي: يا أخي، ليس بموضع عتاب ثم قَالَ: أخبرني عن المأمون أخي، أحي هو؟ قلت: نعم، هذا القتال عمن إذا! هو إلا عنه! قَالَ: فقال لي:
أخبرني يحيى أخو عامر بْن إسماعيل بْن عامر- وكان يلي الخبر في عسكر هرثمة- أن المأمون مات، فقلت له: كذب قَالَ: ثم قلت له: هذا الإزار الذي عليك إزار غليظ فالبس إزاري وقميصي هذا فإنه لين، فقال لي: من كانت حاله مثل حالي فهذا له كثير قَالَ: فلقنته ذكر الله والاستغفار، فجعل يستغفر قَالَ: وبينا نحن كذلك، إذ هدة تكاد الأرض ترجف منها، وإذا أصحاب طاهر قد دخلوا الدار وأرادوا البيت، وكان في الباب ضيق، فدافعهم محمد بمجنة كانت معه في البيت، فما وصلوا إليه حتى عرقبوه، ثم