وذكر عن عبد الله بْن عمرو التميمي، قَالَ: حدثني أحمد بْن إبراهيم الفارسي، قَالَ: شرب أبو نواس الخمر، فرفع ذلك إلى محمد في أيامه، فأمر بحبسه، فحبسه الفضل بْن الربيع ثلاثة أشهر، ثم ذكره محمد، فدعا به وعنده بنو هاشم وغيرهم، ودعا له بالسيف والنطع يهدده بالقتل، فأنشده أبو نواس هذه الأبيات:
تذكر أمين الله والعهد يذكر.
الشعر الذي ذكرناه قبل، وزاد فيه:
تحسنت الدنيا بحسن خليفة ... هو البدر إلا أنه الدهر مقمر
إمام يسوس الناس سبعين حجة ... عليه له منها لباس ومئزر
يشير إليه الجود من وجناته ... وينظر من أعطافه حين ينظر
أيا خير مأمول يرجى، أنا امرؤ ... رهين أسير في سجونك مقفر
مضى أشهر لي مذ حبست ثلاثة ... كأني قد أذنبت ما ليس يغفر
فإن كنت لم أذنب ففيم تعقبي! ... وإن كنت ذا ذنب فعفوك أكثر
قَالَ: فقال له محمد: فإن شربتها؟ قَالَ: دمي لك حلال يا أمير المؤمنين، فأطلقه قَالَ: فكان أبو نواس يشمها ولا يشربها وهو قوله:
لا أذوق المدام إلا شميما
وذكر عن مسعود بْن عيسى العبدي، قَالَ: أخبرني يحيى بْن المسافر القرقسائي، قَالَ: أخبرني دحيم غلام أبي نواس، أن أبا نواس عتب عليه محمد في شرب الخمر، فطبق به- وكان للفضل بْن الربيع خال يستعرض أهل السجون ويتعاهدهم ويتفقدهم- ودخل في حبس الزنادقة، فرأى فيه أبا نواس- ولم يكن يعرفه- فقال له: يا شاب، أنت مع الزنادقة! قَالَ:
معاذ الله، قَالَ: فلعلك ممن يعبد الكبش! قَالَ: أنا آكل الكبش بصوفه،