انتهى إلى المبارك، فأقام بها فلما كان جمادى الآخرة وجه حميد بْن عبد الحميد الطوسى ومعه عركو الأعرابي وسعيد بن الساجور وأبو البط ومحمد بْن إبراهيم الإفريقي، وعدة سواهم من القواد، فلقوا أبا زنبيل بفم الصراة فهزموه، وانحاز إلى أخيه هارون بالنيل، فالتقوا عند بيوت النيل، فاقتتلوا ساعة، فوقعت الهزيمة على أصحاب هارون، وأبي زنبيل، فخرجوا هاربين حتى أتوا المدائن، وذلك يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة ودخل حميد وأصحابه النيل فانتهبوها ثلاثة أيام، فانتهبوا أموالهم وأمتعتهم، وانتهبوا ما كان حولهم من القرى، وقد كان بنو هاشم والقواد حين مات محمد بْن أبي خالد تكلموا في ذلك، وقالوا: نصير بعضنا خليفة ونخلع المأمون، فكانوا يتراضون في ذلك، إذ بلغهم خبر هارون وأبي زنبيل وهزيمتهم، فجدوا فيما كانوا فيه، وأرادوا منصور بْن المهدي على الخلافة، فأبى ذلك عليهم، فلم يزالوا به حتى صيروه أميرا خليفة للمأمون ببغداد والعراق، وقالوا: لا نرضى بالمجوسي ابن المجوسي الحسن بْن سهل، ونطرده حتى يرجع إلى خراسان.
وقد قيل: إن عيسى بْن محمد بْن أبي خالد لما اجتمع إليه أهل بغداد، وساعدوه على حرب الحسن بْن سهل، رأى الحسن أنه لا طاقة له بعيسى، فبعث إليه وهب بْن سعيد الكاتب، وبذل له المصاهرة ومائة ألف دينار والأمان له ولأهل بيته ولأهل بغداد وولاية أي النواحي أحب، فطلب كتاب المأمون بذلك بخطه، فرد الحسن بْن سهل وهبا بإجابته، فغرق وهب بين المبارك وجبل، فكتب عيسى إلى أهل بغداد: إني مشغول بالحرب عن جباية الخراج، فولوا رجلا من بني هاشم، فولوا منصور بْن المهدي، وعسكر منصور بْن المهدي بكلواذى، وأرادوه على الخلافة فأبى، وقال: أنا خليفة أمير المؤمنين حتى يقدم أو يولي من أحب، فرضي بذلك بنو هاشم والقواد والجند، وكان القيم بهذا الأمر خزيمة بْن خازم، فوجه القواد في كل ناحية، وجاء حميد الطوسي من فوره في طلب بني محمد حتى انتهى إلى المدائن، فأقام بها يومه، ثم انصرف إلى النيل