فلما بلغ منصورا خبره خرج حتى عسكر بكلواذى، وتقدم يحيى بْن علي بْن عيسى بْن ماهان إلى المدائن.
ثم أن منصورا وجه إسحاق بْن العباس بْن محمد الهاشمي من الجانب الآخر، فعسكر بنهر صرصر، ووجه غسان بْن عباد بْن أبي الفرج أبا إبراهيم بْن غسان صاحب حرس صاحب خراسان ناحية الكوفة، فتقدم حتى أتى قصر ابن هبيرة، فأقام به فلما بلغ حميدا الخبر لم يعلم غسان إلا وحميد قد أحاط بالقصر، فأخذ غسان أسيرا، وسلب أصحابه، وقتل منهم، وذلك يوم الاثنين لأربع خلون من رجب.
ثم لم يزل كل قوم مقيمين في عساكرهم، إلا أن محمد بْن يقطين بْن موسى كان مع الحسن بْن سهل، فهرب منه إلى عيسى، فوجهه عيسى إلى منصور، فوجهه منصور إلى ناحية حميد، وكان حميد مقيما بالنيل إلا أن له خيلا بالقصر.
وخرج ابن يقطين من بغداد يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان حتى أتى كوثى وبلغ حميدا الخبر، فلم يعلم ابن يقطين حتى أتاه حميد وأصحابه إلى كوثى، فقاتلوه فهزموه، وقتلوا من أصحابه، وأسروا، وغرق منهم بشر كثير، وانتهب حميد وأصحابه ما كان حول كوثي من القرى وأخذوا البقر والغنم والحمير وما قدروا عليه من حلى ومتاع وغير ذلك، ثم انصرف حتى النيل، وراجع ابن يقطين، فأقام بنهر صرصر.
وفي محمد بْن أبي خالد قَالَ أبو الشداخ:
هوى خيل الأبناء بعد محمد ... وأصبح منها كاهل العز أخضعا
فلا تشمتوا يا آل سهل بموته ... فإن لكم يوما من الدهر مصرعا
وأحصى عيسى بْن محمد بْن أبي خالد ما كان في عسكره، فكانوا مائة ألف وخمسة وعشرين ألفا بين فارس وراجل، فأعطى الفارس اربعين درهما، والراجل عشرين درهما.