لاسقينك أو تقول لي: لم بكيت حين دخل عليك طاهر؟ قَالَ: يا حسين، وكيف عنيت بهذا حتى سألتني عنه! قَالَ: لغمي بذاك، قَالَ: يا حسين هو أمر إن خرج من رأسك قتلتك، قَالَ: يا سيدي، ومتى أخرجت لك سرا! قَالَ: إني ذكرت محمدا أخي، وما ناله من الذلة، فخنقتني العبرة فاسترحت إلى الإفاضة، ولن يفوت طاهرا مني ما يكره قَالَ: فأخبر حسين طاهرا بذلك، فركب طاهر إلى أحمد بْن أبي خالد، فقال له: إن الثناء مني ليس برخيص، وإن المعروف عندي ليس بضائع، فغيبني عن عينه، فقال له: سأفعل، فبكر إلي غدا قَالَ: فركب ابن أبي خالد إلى المأمون، فلما دخل عليه قَالَ: ما نمت البارحة، فقال: لم ويحك! فقال: لأنك وليت غسان خراسان، وهو ومن معه أكلة رأس، فأخاف أن يخرج عليه خارجة من الترك فتصطلمه، فقال له: لقد فكرت فيما فكرت فيه، قَالَ: فمن ترى؟
قَالَ: طاهر بْن الحسين، قَالَ: ويلك يا أحمد! هو والله خالع، قَالَ:
أنا الضامن له، قَالَ: فأنفذه، قَالَ: فدعا بطاهر من ساعته، فعقد له، فشخص من ساعته، فنزل في بستان خليل بْن هاشم، فحمل إليه في كل يوم ما أقام فيه مائة ألف فأقام شهرا، فحمل إليه عشرة آلاف ألف، التي تحمل إلى صاحب خراسان.
قَالَ أبو حسان الزيادي: وكان قد عقد له على خراسان والجبال من حلوان إلى خراسان، وكان شخوصه من بغداد يوم الجمعة لليلة بقيت من ذي القعدة سنة خمس ومائتين، وقد كان عسكر قبل ذلك بشهرين، فلم يزل مقيما في عسكره قَالَ أبو حسان: وكان سبب ولايته- فيما اجتمع الناس عليه- أن عبد الرحمن المطوعي جمع جموعا بنيسابور ليقاتل بهم الحرورية بغير أمر والي خراسان، فتخوفوا أن يكون ذلك لاصل عمله عليه وكان غسان بْن عباد يتولى خراسان من قبل الحسن بْن سهل، وهو ابْن عم الفضل بْن سهل.
وذكر عن علي بْن هارون أن طاهر بْن الحسين قبل خروجه إلى خراسان وولايته لها، ندبه الحسن بْن سهل للخروج إلى محاربة نصر بْن شبث، فقال: