للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينهين إليك أمر فيه صلاح للمسلمين ومنفعة لهم إلا قدمته وآثرته على غيره من هواك، وخذ من أقويائهم لضعفائهم، ولا تحمل عليهم في شيء، وأنصف بعضهم من بعض بالحق بينهم، وقربهم وتأتهم، وعجل الرحلة عني، والقدوم إلى دار ملكك بالعراق، وانظر هؤلاء القوم الذين أنت بساحتهم فلا تغفل عنهم في كل وقت والخرمية فأغزهم ذا حزامة وصرامة وجلد، وأكنفه بالأموال والسلاح والجنود من الفرسان والرجالة، فإن طالت مدتهم فتجرد لهم بمن معك من أنصارك وأوليائك، واعمل في ذلك عمل مقدم النيه فيه، راجيا بثواب الله عليه واعلم أن العظة إذا طالت أوجبت على السامع لها والموصي بها الحجة، فاتق الله في أمرك كله، ولا تفتن.

ثم دعا أبا إسحاق بعد ساعة حين اشتد به الوجع، وأحس بمجيء أمر الله فقال له: يا أبا إسحاق، عليك عهد الله وميثاقه وذمه رسول الله ص لتقومن بحق الله في عباده، ولتؤثرن طاعته على معصيته، إذ أنا نقلتها من غيرك إليك؟ قَالَ: اللهم نعم، قَالَ: فانظر من كنت تسمعني أقدمه على لساني فأضعف له التقدمة، عبد الله بْن طاهر أقره على عمله ولا تهجه، فقد عرفت الذي سلف منكما أيام حياتي وبحضرتي، استعطفه بقلبك، وخصه ببرك، فقد عرفت بلاءه وغناءه عن أخيك وإسحاق بْن إبراهيم فأشركه في ذلك، فإنه أهل له وأهل بيتك، فقد علمت إنه لا بقية فيهم وإن كان بعضهم يظهر الصيانة لنفسه عبد الوهاب عليك به من بين أهلك، فقدمه عليهم، وصير أمرهم إليه وابو عبد الله بن أبي داود فلا يفارقك، وأشركه في المشورة في كل أمرك، فإنه موضع لذلك منك، ولا تتخذن بعدي وزيرا تلقي إليه شيئا، فقد علمت ما نكبني به يحيى بْن أكثم في معاملة الناس وخبث سيرته حتى أبان الله ذلك منه في صحة مني، فصرت إلى مفارقته! قاليا له غير راض بما صنع في أموال الله وصدقاته، لا جزاه الله عن الإسلام خيرا! وهؤلاء بنو عمك من ولد أمير المؤمنين عَلِيّ بْن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>