للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاها على أحد من ملائكته المقربين وأنبيائه والمرسلين، وإني مقر مذنب، أرجو وأخاف، إلا أني إذا ذكرت عفو الله رجوت، فإذا أنا مت فوجهوني وغمضوني، وأسبغوا وضوئي وطهوري، وأجيدوا كفني، ثم أكثروا حمد الله على الإسلام ومعرفة حقه عليكم في محمد، إذ جعلنا من أمته المرحومة، ثم أضجعوني على سريري، ثم عجلوا بي، فإذا أنتم وضعتموني للصلاة، فليتقدم بها من هو أقربكم بي نسبا، وأكبركم سنا، فليكبر خمسا، يبدأ في الأولى في أولها بالحمد لله والثناء عليه والصلاة على سيدي وسيد المرسلين جميعا، ثم الدعاء للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، ثم الدعاء للذين سبقونا بالإيمان، ثم ليكبر الرابعة، فيحمد الله ويهلله ويكبره ويسلم في الخامسة، ثم أقلوني فأبلغوا بي حفرتي، ثم لينزل أقربكم إلي قرابة، وأودكم محبة، وأكثروا من حمد الله وذكره، ثم ضعوني على شقي الأيمن واستقبلوا بي القبلة، وحلوا كفني عن رأسي ورجلي، ثم سدوا اللحد باللبن، واحثوا ترابا على، واخرجوا عنى وخلونى وعملي، فكلكم لا يغني عني شيئا، ولا يدفع عني مكروها، ثم قفوا بأجمعكم فقولوا خيرا إن علمتم، وأمسكوا عن ذكر شر إن كنتم عرفتم، فإني مأخوذ من بينكم بما تقولون وما تلفظون به، ولا تدعوا باكية عندي، فإن المعول عليه يعذب رحم الله امرأ اتعظ وفكر فيما حتم الله على جميع خلقه من الفناء، وقضى عليهم من الموت الذي لا بد منه، فالحمد لله الذي توحد بالبقاء، وقضى على جميع خلقه الفناء ثم لينظر ما كنت فيه من عز الخلافة، هل أغنى ذلك عني شيئا إذ جاء أمر الله! لا والله، ولكن أضعف علي به الحساب، فيا ليت عبد الله بْن هارون لم يكن بشرا، بل ليته لم يكن خلقا! يا أبا إسحاق، ادن مني، واتعظ بما ترى، وخذ بسيرة أخيك في القرآن، واعمل في الخلافة إذا طوقكها الله عمل المريد لله، الخائف من عقابه وعذابه، ولا تغتر بالله ومهلته، فكان قد نزل بك الموت ولا تغفل أمر الرعية الرعية الرعية! العوام العوامّ! فإن الملك بهم وبتعهدك المسلمين والمنفعة لهم الله الله فيهم وفي غيرهم من المسلمين!

<<  <  ج: ص:  >  >>