عن دابته، ومن كان من ذاك الجانب مع أبي سعيد وجعفر الخياط وأصحابه وأحمد بن الخليل لم ينزل لقربه من العدو، فهم وقوف على ظهور دوابهم، ويفرق رجالته الكوهبانية ليفتشوا الأودية، طمع أن يقع على مواضع الكمناء فيعرفها، فكانت هذه حالته في التفتيش إلى بعد الظهر، والخرمية بين يدي بابك يشربون النبيذ، ويزمرون بالسرنيايات، ويضربون بالطبول، حتى إذا صلى الأفشين الظهر، تقدم فانحدر إلى خندقه بروذ الروذ، فكان أول من ينحدر أبو سعيد ثم أحمد بن الخليل ثم جعفر بن دينار، ثم ينصرف الأفشين، وكان مجيئه ذلك مما يغيظ بابك، وانصرافه فإذا دنا الانصراف، ضربوا بصنوجهم، ونفخوا بوقاتهم استهزاء، ولا يبرح بخاراخذاه من العقبة التي هو عليها، حتى تجوزه الناس جميعا، ثم ينصرف في آثارهم، فلما كان في بعض أيامهم ضجرت الخرمية من المعادلة والتفتيش الذي كان يفتش عليهم، فانصرف الأفشين كعادته، وانصرفت الكراديس أولا فأولا، وعبر أبو سعيد الوادي، وعبر أحمد بن الخليل، وعبر بعض أصحاب جعفر الخياط، وفتح الخرمية باب خندقهم، وخرج منهم عشرة فوارس، وحملوا على من بقي من أصحاب جعفر الخياط في ذلك الموضع، وارتفعت الضجة في العسكر، فرجع جعفر مع كردوس من أصحابه بنفسه، فحمل على أولئك الفرسان حتى ردهم إلى باب البذ، ثم وقعت الضجة في العسكر، فرجع الأفشين وجعفر وأصحابه من ذلك الجانب يقاتلون، وقد خرج من أصحاب جعفر عدة، وخرج بابك بعدة فرسان لم يكن معهم رجالة، لا من أصحاب الأفشين، ولا من أصحاب بابك، كان هؤلاء يحملون، وهؤلاء يحملون، فوقعت بينهم جراحات، ورجع الأفشين حتى طرح له النطع والكرسي، فجلس في موضعه الذي كان يجلس فيه، وهو يتلظى على جعفر، ويقول: قد أفسد علي تعبيتي وما أريد