قَالَ: فغزا بلاد اليمن- والملك بها يومئذ ذو الاذعار بن أبرهة ذي المنار ابن الرائش- فلما ورد بلاد اليمن خرج عليه ذو الأذعار بن أبرهة وكان قد أصابه الفالج، فلم يكن يغزو قبل ذلك بنفسه قال: فلما اظله كيقاوس ووطيء بلاده في جموعه خرج بنفسه في جموع حمير وولد قحطان، فظفر بكيقاوس، فأسره، واستباح عسكره، وحبسه في بئر، وأطبق عليه طبقا قَالَ: وخرج من سجستان رجل يقال له رستم، كان جبارا قويا فيمن أطاعه من الناس قال: فزعمت الفرس انه دخل بلاد اليمن، واستخرج قبوس من محبسه وهو كيقاوس قَالَ: وزعم أهل اليمن أنه لما بلغ ذا الأذعار إقبال رستم خرج اليه في جنوده وعدده، وخندق كل واحد منهما على عسكره، وأنهما أشفقا على جنديهما من البوار، وتخوفا ان تزاحفا ألا تكون لهما بقية، فاصطلحا على دفع كيقاوس إلى رستم، ووضع الحرب، فانصرف رستم بكيقوس إلى بابل، وكتب كيقاوس لرستم عتقا من عبودة الملك، وأقطعه سجستان وزابلستان، وأعطاه قلنسوة منسوجة بالذهب وتوجه، وأمره أن يجلس على سرير من فضة، قوائمه من ذهب، فلم تزل تلك البلاد بيد رستم حتى هلك كيقاوس وبعده دهرا طويلا.
قَالَ: وكان ملكه مائة وخمسين سنة.
وزعم علماء الفرس أن أول من سود لباسه على وجه الحداد شادوس بن جودرز على سياوخش، وأنه فعل ذلك يوم ورد على كيقاوس نعي ابنه سياوخش وقتل فراسياب إياه، وغدره به، وأنه دخل على كيقاوس، وقد لبس السواد، فاعلمه أنه فعل ذلك لأن يومه يوم إظلام وسواد.
وقد حقق ما ذكر ابن الكلبي من أسر صاحب اليمن قابوس الحسن بن هانئ في شعر له فقال: