إلينا منذ زمان، نصراني فلقن ابن سنباط الأشروسني ذلك، فقال له بابك:
منذ كم أنت هاهنا؟ قال: منذ كذا وكذا سنة، قال: وكيف اقمت هاهنا؟
قال: تزوجت هاهنا، قال: صدقت إذا قيل للرجل: من أين أنت؟ قال:
من حيث امرأتي.
ثم رجع إلى الأفشين فأخبره، ووصف له جميع ما رأى ثم من بابك.
ووجه الأفشين أبا سعيد وبوزباره إلى ابن سنباط، وكتب إليه معهما، وأمرهما إذا صارا إلى بعض الطريق قد ما كتابه إلى ابن سنباط مع علج من الأعلاج، وأمرهما ألا يخالفا ابن سنباط فيما يشير به عليهما ففعلا ذلك، فكتب إليهما ابن سنباط في المقام بموضع- قد سماه ووصفه لهما- إلى أن يأتيهما رسوله فلم يزالا مقيمين بالموضع الذي وصفه لهما، ووجه إليهما ابن سنباط بالميرة والزاد، حتى تحرك بابك للخروج الى الصيد، فقال له: هاهنا واد طيب، وأنت مغموم في جوف هذا الحصن! فلو خرجنا ومعنا بازي وباشق وما يحتاج إليه، فنتفرج إلى وقت الغداء بالصيد! فقال له بابك: إذا شئت فانفذ ليركبا بالغداة، وكتب ابن سنباط إلى أبي سعيد وبو زباره يعلمهما ما قد عزم عليه، ويأمرهما أن يوافياه، واحد من هذا الجانب من الجبل والآخر من الجانب الآخر في عسكرهما وأن يسيرا متكمنين مع صلاة الصبح، فإذا جاءهما رسوله أشرفا على الوادي، فانحدروا عليه إذا رأوهم وأخذوهم.
فلما ركب ابن سنباط وبابك بالغداة وجه ابن سنباط رسولا إلى أبي سعيد ورسولا الى بو زباره، وقال لكل رسول: جيء بهذا إلى موضع كذا، وجيء بهذا إلى موضع كذا، فأشرفا علينا، فإذا رأيتمونا فقولوا: هم هؤلاء خذوهم، وأراد أن يشبه على بابك، فيقول: هذه خيل جاءتنا، فأخذتنا، ولم يحب أن يدفعه إليهما من منزله، فصار الرسولان إلى أبي سعيد وبو زباره، فمضيا بهما حتى أشرفا على الوادي، فإذا هما ببابك وابن سنباط، فنظرا إليه وانحدرا وأصحابهما عليه، هذا من هاهنا، وهذا من هاهنا، وأخذاهما ومعهما البواشيق، وعلى بابك دراعة بيضاء وعمامة بيضاء، وخف قصير ويقال كان بيده باشق، فلما نظر إلى