ودفعهم إلى الأكره ليلا، فدفعوهم إليهم، وصاروا بهم إلى قناة هناك، فقتلوهم ورموا بهم في آبار تلك القناة وانصرفوا فلما ثاب إلى الأكرة عقولهم ندموا على فعلهم، وفزعوا من ذلك، فلما علم المازيار أن القوم ليس عندهم ما يؤدونه إليه، بعث إلى الأكرة المختارين الذين قتلوا المائتين والستين فتى، فقال لهم: إني قد أبحتكم منازل أرباب الضياع وحرمهم- إلا ما كان من جارية جميلة من بناتهم، فإنها تصير للملك- وقال لهم: صيروا إلى الحبس فاقتلوا أرباب الضياع جميعهم قبل ذلك، ثم حوزوا بعد ذلك، ما وهبت لكم من المنازل والحرم، فجبن القوم عن ذلك وخافوا وحذروا فلم يفعلوا ما أمرهم به.
قال: وكان الموكلون بالسور من أصحاب سرخاستان يتحدثون ليلا مع حرس الحسن بن الحسين بن مصعب، وبينهم عرض الخندق، حتى استأنس بعضهم ببعض، وتآمروا وحرس سرخاستان بتسليم السور إليهم، فسلموه، ودخل أصحاب الحسن بن الحسين من ذلك الموضع إلى عسكر سرخاستان في غفلة من الحسن بن الحسين ومن سرخاستان، فنظر أصحاب الحسن إلى قوم يدخلون من الحائط، فدخلوا معهم، فنظر الناس بعضهم إلى بعض، فثاروا.
وبلغ الحسن بن الحسين بن مصعب، فجعل يصيح بالقوم ويمنعهم، ويقول:
يا قوم، إني أخاف عليكم أن تكونوا مثل قوم داوندان، ومضى أصحاب قيس بن زنجويه- وهو من أصحاب الحسن بن الحسين- حتى نصبوا العلم على السور في معسكر سرخاستان، وانتهى الخبر إلى سرخاستان أن العرب قد كسروا السور، ودخلوا بغتة، فلم تكن له همة إلا الهرب، وكان سرخاستان في الحمام، فسمع الصياح، فخرج هاربا في غلالة وقال الحسن بن الحسين حين لم يقدر على رد أصحابه: اللهم إنهم قد عصوني وأطاعوك، اللهم فاحفظهم وانصرهم، ولم يزل أصحاب الحسن يتبعون القوم حتى صاروا إلى الدرب الذي على السور فكسروه، ودخل الناس من غير مانع حتى استولوا على جميع ما في العسكر، ومضى قوم في الطلب.
وذكر عن زراره بن يوسف السجزى أنه قال: مررت في الطلب، فبينا