يصير هو إلى بلاد الخزر مستأمنا، ثم يدور من بلاد الخزر إلى بلاد الترك، ويرجع من بلاد الترك إلى بلاد أشروسنة، ثم يستميل الخزر على أهل الإسلام، فكان في تهيئة ذلك.
وطال به الأمر فلم يمكنه ذلك وكان قواد الأفشين ينوبون في دار أمير المؤمنين كما ينوب القواد، فكان واجن الأشروسني قد جرى بينه وبين من قد اطلع على أمر الأفشين حديث، فذكر له واجن أن هذا الأمر لا أراه يمكن ولا يتم، فذهب ذلك الرجل الذي سمع قول واجن، فحكاه للأفشين وسمع بعض من يميل إلى واجن من خدم الأفشين وخاصته ما قال الأفشين في واجن، فلما انصرف واجن من النوبة في بعض الليل أتاه فأخبره أن قد ألقي ذلك إلى الأفشين، فحذر واجن على نفسه، فركب من ساعته في جوف الليل حتى أتى دار أمير المؤمنين، وقد نام المعتصم، فصار إلى إيتاخ، فقال: إن لأمير المؤمنين عندي نصيحة، فقال له إيتاخ: أليس الساعة كنت هاهنا! قد نام أمير المؤمنين فقال له واجن: ليس يمكنني أن أصبر إلى غد، فدق إيتاخ الباب على بعض من يعلم المعتصم بالذي قال واجن، فقال المعتصم: قل له ينصرف الليلة إلى منزله، ويبكر علي في غد فقال واجن: إن انصرفت الليلة ذهبت نفسي، فأرسل المعتصم إلى إيتاخ: بيته الليلة عندك فبيته إيتاخ عنده، فلما أصبح بكر به مع صلاة الغداة، فأوصله إلى المعتصم، فأخبره بجميع ما كان عنده، فدعا المعتصم محمد بن حماد بن دنقش الكاتب، فوجهه يدعو الافشين، فجاء الافشين في سواد، فأمر المعتصم بأخذ سواده، وحبسه، فحبس في الجوسق، ثم بنى له حبسا مرتفعا، وسماه لؤلؤه داخل الجوسق، وهو يعرف الى الان بالافشين.
وكتب المعتصم إلى عبد الله بن طاهر في الاحتيال للحسن بن الأفشين- وكان الحسن قد كثرت كتبه إلى عبد الله بن طاهر في نوح بن أسد- يعلمه تحامله على ضياعه وناحيته، فكتب عبد الله بن طاهر إلى نوح بن أسد يعلمه ما كتب به امير المؤمنين في امره، ويأمره بجمع أصحابه والتأهب له، فإذا قدم عليه الحسن ابن الأفشين بكتاب ولايته استوثق منه، وحمله إليه فكتب عبد الله بن طاهر