إلى الحسن بن الأفشين يعلمه أنه عزل نوح بن أسد، وأنه قد ولاه الناحية، ووجه إليه بكتاب عزل نوح بن أسد.
فخرج الحسن بن الأفشين في قلة من أصحابه وسلاحه، حتى ورد على نوح بن أسد، وهو يظن أنه والي الناحية، فأخذه نوح بن اسد، وشده وثاقا.
ووجه به إلى عبد الله بن طاهر، فوجه به عبد الله إلى المعتصم وكان الحبس الذي بني للأفشين شبيها بالمنارة، وجعل في وسطها مقدار مجلسه، وكان الرجال ينوبون تحتها كما تدور وذكر عن هارون بن عيسى بن المنصور، أنه قال: شهدت دار المعتصم وفيها أحمد بن أبي دواد وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب ومحمد بن عبد الملك الزيات، فاتى بالافشين ولم يكن بعد في الحبس الشديد، فأحضر قوم من الوجوه لتبكيت الأفشين بما هو عليه ولم يترك في الدار أحد من أصحاب المراتب إلا ولد المنصور، وصرف الناس.
وكان المناظر له محمد بن عبد الملك الزيات، وكان الذين أحضروا المازيار صاحب طبرستان والموبذ والمرزبان بن تركش- وهو أحد ملوك السغد- ورجلان من أهل السغد، فدعا محمد بن عبد الملك بالرجلين، وعليهما ثياب رثة، فقال لهما محمد بن عبد الملك: ما شأنكما؟ فكشفا عن ظهورهما وهي عارية من اللحم، فقال له محمد: تعرف هذين؟ قال: نعم، هذا مؤذن، وهذا إمام، بنيا مسجدا بأشروسنة فضربت كل واحد منهما ألف سوط، وذلك أن بيني وبين ملوك السغد عهدا وشرطا، أن أترك كل قوم على دينهم وما هم عليه، فوثب هذان على بيت كان فيه أصنامهم- يعني أهل أشروسنة- فأخرجا الأصنام، واتخذاه مسجدا، فضربتهما على هذا ألفا ألفا لتعديهما، ومنعهما القوم من بيعتهم فقال له محمد: ما كتاب عندك قد زينته بالذهب والجواهر والديباج، فيه الكفر بالله؟ قال: هذا كتاب ورثته عن أبي، فيه أدب من آداب العجم، وما ذكرت من الكفر، فكنت أستمتع منه بالأدب، وأترك ما سوى ذلك، ووجدته محلى، فلم تضطرني الحاجة إلى