للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاله، وكان له أصحاب اشتهوا أن يأكلوا من لحمه، فعرضوا له بذبح العجل فلم يجبهم إلى ذلك، فاتفقوا جميعا على أن قالوا له ذات يوم: ويحك! لم تربي هذا الأسد؟ هذا سبع، وقد كبر، والسبع إذا كبر يرجع إلى جنسه! فقال لهم: ويحك هذا عجل بقر، ما هو سبع، فقالوا: هذا سبع، سل من شئت عنه، وقد تقدموا إلى جميع من يعرفونه، فقالوا له: إن سألكم عن العجل، فقولوا له: هذا سبع، فكلما سأل الرجل إنسانا عنه، وقال له: أما ترى هذا العجل ما أحسنه! قال الآخر: هذا سبع، هذا أسد، ويحك! فأمر بالعجل فذبح، ولكني أنا ذلك العجل، كيف أقدر أن أكون أسدا! الله الله في امرى، اصطنعتنى وشرفتني وأنت سيدي ومولاي، أسأل الله أن يعطف بقلبك علي قال حمدون: فقمت فانصرفت، وتركت الطبق على.

حاله لم يمس منه شيئا، ثم ما لبثنا إلا قليلا، حتى قيل: إنه يموت أو قد مات، فقال المعتصم:

أروه ابنه، فأخرجوه فطرحوه بين يديه، فنتف لحيته وشعره، ثم أمر به فحمل إلى منزل إيتاخ.

قال: وكان أحمد بن أبي دواد دعا به في دار العامة من الحبس، فقال له: قد بلغ أمير المؤمنين أنك يا خيدر، أقلف، قال: نعم، وإنما أراد ابن أبي دواد أن يشهد عليه، فإن تكشف نسب إلى الخرع، وإن لم يتكشف صح عليه أنه أقلف، فقال: نعم، أنا أقلف، وحضر الدار ذلك اليوم جميع القواد والناس، وكان ابن ابى دواد أخرجه إلى دار العامة قبل مصير الواثق إليه بالفاكهة، وقبل مصير حمدون بن إسماعيل إليه.

قال حمدون: فقلت له: أنت أقلف كما زعمت؟ فقال الأفشين:

أخرجني إلى مثل ذلك الموضع، وجميع القواد والناس قد اجتمعوا، فقال لي ما قال، وإنما أراد أن يفضحني، إن قلت له: نعم لم يقبل قولي، وقال لي: تكشف، فيفضحني بين الناس، فالموت كان أحب إلي من أن أتكشف

<<  <  ج: ص:  >  >>