للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدا، وكان يأكل العنبة والعنبتين قال: وكنت أسمعه قبل موته بيومين أو ثلاثة يقول لنفسه: يا محمد بن عبد الملك، لم يقنعك النعمة والدواب الفرة والدار النظيفة والكسوة الفاخرة، وأنت في عافية حتى طلبت الوزارة، ذق ما عملت بنفسك! فكان يكرر ذلك على نفسه، فلما كان قبل موته بيوم، ذهب عنه عتاب نفسه، فكان لا يزيد على التشهد وذكر الله، فلما مات احضر ابناه سليمان وعبيد الله- كانا محبوسين- وقد طرح على باب من خشب في قميصه الذي حبس فيه، وقد اتسخ فقالا:

الحمد لله الذي أراح من هذا الفاسق، فدفعت جثته إليهما، فغسلاه على الباب الخشب، ودفناه وحفرا له، فلم يعمقا، فذكر أن الكلاب نبشته، وأكلت لحمه وكان إبراهيم بن العباس على الأهواز، وكان محمد بن عبد الملك له صديقا، فوجه إليه محمد أحمد بن يوسف أبا الجهم، فأقامه للناس فصالحه عن نفسه بألف الف درهم وخمسمائة ألف درهم، فقال إبراهيم:

وكنت أخي بإخاء الزمان ... فلما نبا عدت حربا عوانا

وكنت أذم إليك الزمان ... فأصبحت منك أذم الزمانا

وكنت أعدك للنائبات ... فها أنا أطلب منك الأمانا

وقال:

أصبحت من رأي أبي جعفر ... في هيئة تنذر بالصيلم

من غير ما ذنب ولكنها ... عداوة الزنديق للمسلم

وأحدر بعد ما قبض عليه مع راشد المغربي إلى بغداد، لأخذ ماله بها، فوردها، فأخذ روحا غلامه- وكان قهرمانه- في يده أمواله يتجر بها، وأخذ عدة من أهل بيته، وأخذ معهم حمل بغل، ووجدت له بيوت فيها أنواع التجارة من الحنطة والشعير والدقيق والحبوب والزيت والزبيب والتين وبيت

<<  <  ج: ص:  >  >>