وشأنه إذ لم يشتر منهم شيئا، وقالوا: ما شأن الملك لا يشتري منا شيئا! ان كان غنيا فان عندنا من طرائف البضاعات فنعطيه ما شاء مما لم يدخل مثله في خزائنه، وإن كان محتاجا فما يمنعه أن يشهدنا فنعطيه ما شاء بغير ثمن! قَالَ لهم من حضرهم من أهل القرية: ان له من الغنى والخزائن وفنون المتاع ما لم يقدر على مثله، إنه استفرغ الخزائن التي كان موسى سار بها من مصر، والحلي الذي كان بنو إسرائيل أخذوا، وما جمع يوشع بن نون خليفة موسى، وما جمع سليمان رأس الحكماء والملوك، من الغنى الكثير والآنية التي لا يقدر على مثلها قَالَ الأمناء: فما قتاله؟ وبأي شيء عظمته؟ وما جنوده؟ أرأيتم لو أن ملكا انحرف عليه ففتق ملكه ما كان إذا قتاله إياه؟ وما عدته وعدد جنوده؟ أم بأي الخيل والفرسان غلبته؟ أم من أجل كثرة جمعه وخزائنه وقعت في قلوب الرجال هيبته! فأجابهم القوم وقالوا: إن أسا الملك قليلة عدته، ضعيفة قوته، غير أن له صديقا لو دعاه واستعان به على أن يزيل الجبال أزالها، فإذا كان معه صديقه فليس شيء من الخلق يطيقه.
قَالَ لهم الأمناء: ومن صديق أسا؟ وكم عدد جنوده؟ وكيف مواجهته وقتاله؟ وكم عدد عساكره ومراكبه؟ وأين قراره ومسكنه؟
فأجابهم القوم: أما مسكنه ففوق السموات العلا، مستو على عرشه، لا يحصى عدد جنوده، وكل شيء من الخلق له عبد، لو أمر البحر لطم على البر، ولو أمر الأنهار لغارت في عنصرها، لا يرى ولا يعرف قراره، وهو صديق أسا وناصره