يا أمير المؤمنين نعيذك بالله أن تقول هذا يا سيدنا، قال: وأخذ في الشراب واللهو، ولهج بان يقول: أنا والله مفارقكم عن قليل، قال: فلم يزل في لهوه وسروره إلى الليل.
وذكر بعضهم أن المتوكل عزم هو والفتح أن يصيرا غداءهما عند عبد الله ابن عمر البازيار يوم الخميس لخمس ليال خلون من شوال، على أن يفتك بالمنتصر، ويقتل وصيفا وبغا وغيرهما من قواد الأتراك ووجوههم، فكثر عبثه يوم الثلاثاء قبل ذلك بيوم- فيما ذكر ابن الحفصي- بابنه المنتصر مرة يشتمه، ومرة يسقيه فوق طاقته، ومرة يأمر بصفعه، ومرة يتهدده بالقتل.
فذكر عن هارون بن محمد بن سليمان الهاشمي أنه قال: حدثني بعض من كان في الستارة من النساء، أنه التفت إلى الفتح، فقال له: برئت من الله ومن قرابتي من رسول الله ص إن لم تلطمه- يعني المنتصر- فقام الفتح ولطمه مرتين، يمر يده على قفاه، ثم قال المتوكل لمن حضر:
اشهدوا جميعا أني قد خلعت المستعجل- المنتصر- ثم التفت إليه، فقال: سميتك المنتصر، فسماك الناس لحمقك المنتظر، ثم صرت الآن المستعجل، فقال المنتصر: يا أمير المؤمنين، لو أمرت بضرب عنقي كان أسهل علي مما تفعله بي، فقال: اسقوه، ثم أمر بالعشاء فأحضر وذلك في جوف الليل، فخرج المنتصر من عنده، وامر بنانا غلام احمد ابن يحيى أن يلحقه، فلما خرج وضعت المائدة بين يدي المتوكل، وجعل يأكلها ويلقم وهو سكران.
وذكر عن ابن الحفصي أن المنتصر لما خرج إلى حجرته أخذ بيد زرافة، فقال له: امض معي، فقال: يا سيدي، إن أمير المؤمنين لم يقم، فقال:
إن أمير المؤمنين قد أخذه النبيذ، والساعة يخرج بغا والندماء، وقد أحببت أن تجعل أمر ولدك الى، فان اوتامش سألني أن أزوج ابنه من ابنتك، وابنك من ابنته، فقال له زرافة: نحن عبيدك يا سيدي، فمرنا بأمرك وأخذ المنتصر