وقد ذكر أنه وجد في رأسه علة فقطر ابن الطيفوري في أذنه دهنا، فورم رأسه، وعوجل فمات وقد قيل: إن ابن الطيفورى انما سمه في محاجمه.
قال ابو جعفر: ولم أزل أسمع الناس حين أفضت إليه الخلافة من لدن ولي إلى أن مات يقولون: إنما مدة حياته ستة أشهر، مدة شيرويه ابن كسرى قاتل أبيه، مستفيضا ذلك على ألسن العامة والخاصة.
وذكر عن يسر الخادم، وكان- فيما ذكر- يتولى بيت المال للمنتصر في أيام إمارته، أنه قال: كان المنتصر يوما من الأيام في خلافته نائما في إيوانه، فانتبه وهو يبكى وينتخب، قال: فهبته أن أسأله عن بكائه، ووقفت وراء الباب، فإذا عبد الله بن عمر البازيار قد وافى فسمع نحيبه وشهيقه، فقال لي: ما له؟ ويحك يا يسر! فأعلمته أنه كان نائما فانتبه باكيا، فدنا منه، فقال له: ما لك يا أمير المؤمنين تبكي لا أبكى الله عينك؟! قال:
ادن مني يا عبد الله، فدنا منه فقال له: كنت نائما، فرأيت فيما يرى النائم كأن المتوكل قد جاءني، فقال لي: ويلك يا محمد! قتلتني وظلمتني وغبنتنى في خلافتي، والله لا تمتعت بها بعدي إلا أياما يسيرة، ثم مصيرك إلى النار.
فانتبهت، وما أملك عيني ولا جزعي فقال له عبد الله: هذه رؤيا، وهي تصدق وتكذب، بل يعمرك ويسرك الله، فادع الآن بالنبيذ، وخذ في اللهو، ولا تعبأ بالرؤيا قال: ففعل ذلك، وما زال منكسرا إلى أن توفي.
وذكر أن المنتصر كان شاور في قتل أبيه جماعة من الفقهاء، وأعلمهم بمذاهبه، وحكي عنه أمورا قبيحة كرهت ذكرها في الكتاب، فأشاروا عليه بقتله، فكان من أمره ما ذكرنا بعضه.
وذكر عنه أنه لما اشتدت به علته، خرجت إليه أمه فسألته عن حاله، فقال: ذهبت والله مني الدنيا والآخرة.
قال ابراهيم بن جيش: حدثنى موسى بن عيسى الكاتب، كاتب عمى يعقوب وابن عمى يزيد، ان المنتصر لما افضت الخلافه اليه، كان يكثر إذا سكر قتل ابيه المتوكل، ويقول في الاتراك: هؤلاء قتله الخلفاء، ويذكر من ذلك ما تخوفوه، فجعلوا الخادم له ثلاثين الف دينار على ان يحتال في سمه،