وجعلوا لعلى بن طيفور جمله، وكان المنتصر يكثر اكل الكمثرى إذا قدمت اليه الفاكهة، فعمد ابن طيفور الى كمثراه كبيره نضيجه، فادخل في راسها خلاله، ثم سقاها سما، فجعلها الخادم في اعلى الكمثرى الذى قدمه اليه، فلما نظر إليها المنتصر امره ان يقشرها ويطعمه إياها، فقشرها وقطعها، ثم اعطاه قطعه قطعه حتى اتى عليها، فلما أكلها وجد فتره، فقال لابن طيفور: أجد حراره، فقال: يا امير المؤمنين، احتجم تبرا من عله الدم، وقدر انه إذ خرج الدم قوى عليه السم فحجم فحم، وغلظت علته عليه فتخوف هو والاتراك ان تطول علته، فقال له: يا امير المؤمنين، ان الحجامة لم يكن فيها ما قدرنا في عافيتك، وتحتاج الى الفصد، فانه انجح لما تريد، فقال: افعل، ففصده بمبضع مسموم، ودهش، فالقاه في مباضعه- وكان أحدها وأجودها ثم ان على بن طيفور، وجد حراره، فدعا تلميذا له ليفصده، فنظر في المباضع فلم يجد احد منه، ولا اخير ففصده، فكانت منيته فيه.
وذكر عن ابن دهقانه أنه قال: كنا في مجلس المنتصر يوما بعد ما قتل المتوكل، فتحدث المسدود الطنبوري بحديث، فقال المنتصر: متى كان هذا؟
فقال: ليلة لا ناه ولا زاجر، فأحفظ ذلك المنتصر.
وذكر عن سعيد بن سلمة النصراني أنه قال: خرج علينا أحمد بن الخصيب مسرورا يذكر أن أمير المؤمنين المنتصر رأى في ليلة في المنام، أنه صعد درجة حتى انتهى إلى خمس وعشرين مرقاة منها، فقيل له:
هذا ملكك، وبلغ الخبر ابن المنجم، فدخل عليه محمد بن موسى وعلي بن يحيى المنجم مهنئين له بالرؤيا، فقال: لم يكن الأمر على ما ذكر لكم احمد ابن الخصيب، ولكني حين بلغت أخر المراقي، قيل لي: قف فهذا آخر عمرك، واغتم لذلك غما شديدا، فعاش بعد ذلك أياما تتمة سنة، ثم مات وهو ابن خمس وعشرين سنة وقيل: توفي وهو ابن خمس وعشرين سنة.
وستة أشهر وقيل: بل كان عمره أربعا وعشرين سنة، وكانت مدة خلافته ستة اشهر