للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكرهوا على ذلك تعاقدوا مباينته، وخلع من يسومهم إياه، وأحال الشاه بن ميكال والحسين بن إسماعيل والمظفر بن سيسل على كراهة القوم، فرجع الرسول بذلك إلى سليمان، فرده إليهم بكلام دون ذلك، ووعدهم وقال: أنا أثق بقولكم وضمانكم دون أيمانكم وعهودكم ثم استوى جالسا.

وذكر أنه لم يزل مستثقلا محمد بن أوس ومن لحق به من الصعاليك وغيرهم، عارفا بسوء رغبتهم ورداءة مذاهبهم، وبسوم محمد بن أوس في نفسه خاصة ومحبته وشروعه في كل ما دعا إلى خلاف وفرقة، وأسبغ هذا المعنى، وكثر فيه حتى خرج به إلى الإغراق فيه، إلى أن قال: لقد كنت أدخل في قنوتي في الصلاة طلب الراحة من ابن أوس ثم التفت إلى محمد بن علي بن طاهر، فأمره بالمصير إلى ابن أوس، والتقدم إليه في العزم على الانصراف إلى خراسان، وأن يعلمه أنه لا سبيل له إلى الرجوع إلى مدينة السلام، ولا إلى تولي شيء من الأمور التي يتولاها لسليمان.

فلما تناهى الخبر إلى ابن أوس رحل من الشماسيه، فصار في رقه البردان على دجلة، فأقام بها أياما حتى اجتمع اليه من تفرق من اصحابه، رحل فنزل النهروان، فلم يزل بها مقيما وقد كان كتب الى بايكباك وصالح ابن وصيف يعرض عليهما نفسه، ويشكو إليهما ما نزل به، فلم يجد عنده شيئا مما قصد، وقد كان محمد بن عيسى بن عبد الرحمن مقيما بسامرا لينجز أمور سليمان، وكان كارها لابن أوس، منحرفا عنه وكان ابن أوس مضطرب الأمر لسوء محضر محمد بن عيسى الكاتب، فلما انقطعت عن ابن أوس وأصحابه المادة، تعبثوا بأهل القرى والسابلة، وأكثروا الغارات والنهب، ورحل حتى نزل النهروان.

فذكر عن بعض من قصدوه لينتهبوه، فذكرهم المعاد، وخوفهم الله أنهم ردوا عليه أن قالوا له: إن كان النهب والقتل جائزا في مدينة السلام، وهي قبة الإسلام، ودار عز السلطان، فما استنكار ذلك في الصحاري والبراري!

<<  <  ج: ص:  >  >>