ثم رحل ابن أوس عن النهروان بعد أن أثر في تلك الناحية آثارا قبيحة، وأخذ أهل البلاد بأداء الأموال، وحمل منها الطعام في السفن في بطن النهروان إلى إسكاف بني جنيد لبيعه هناك.
وكان محمد بن المظفر بن سيسل بالمدائن، فلما بلغه مصير ابن أوس الى نهروان صير إقامته بالنعمانية من عمل الزوابي خوفا على نفسه منه لحضور أبيه كان في يوم الوقعة.
فذكر عن محمد بن نصر بن منصور بن بسام- وعبرتا ضيعته- أن وكيله انصرف عنها هاربا بعد أن أدى إلى ابن أوس تحت العذاب وخوف الموت قريبا من الف وخمسمائة دينار، ولم يزل ابن أوس مقيما هناك، يقرب ويباعد، ويقبض ويبسط، ويشتد ويلين، ويرهب، حتى أتاه كتاب بايكباك بولاية طريق خراسان من قبله، فكان من وقت خروجه من مدينة السلام إلى وقت ورود الكتاب عليه بالولاية شهران وخمسة عشر يوما.
وذكر عن بعض ولد عاصم بن يونس العجلي أن أباه كان يتولى ضياعا للنوشري بناحية طريق خراسان، وأنه كتب إلى النوشري يذكر ما عاين من قوة عسكر ابن أوس وظاهر عدتهم، ويشير بأن يذكر ذلك لبايكباك، ويصف خلاء طريق خراسان من سلطان يتولاه ويحوط أهله، وأن هذا عسكر مشحن بالرجال والعدة والعتاد، مقيم في العمل، وأن النوشري ذكر ذلك لبايكباك، وأشار عليه بتوليته طريق خراسان، وتخفيف المؤنة عن السلطان، فقبل ما أشار به عليه، وأمر بكتبه فكتبت، وولي طريق خراسان في ذي القعدة من هذه السنة- وهي سنة خمس وخمسين ومائتين- وكان موسى خليفه مساور ابن عبد الحميد الشاري مقيما بالدسكرة ونواحيها في زهاء ثلاثمائة رجل، قد ولاه مساور ما بين حلوان إلى السوس على طريق خراسان وبطن جوخى وما قرب ذلك من طساسيج السواد