عن علامات في بدنه ذكر أنه عرفها فيه، فأقام معه ليلته تلك يحادثه.
وكان إذا نزل اعتزل عسكره بأصحابه الستة، ولم يكن يومئذ ينكر النبيذ على أحد من أصحابه، وكان يتقدم إلى محمد بن سلم في حفظ عسكره، فلما كان في تلك الليلة أتاه في آخر الليل رجل من أهل الكرخ، فأعلمه أن رميسا وأهل المفتح والقرى التي تتصل بها وعقيلا واهل الأيلة قد أتوه ومعهم الدبيلا بالسلاح الشاك، وأن الحميري في جمع من أهل الفرات وقد صاروا في تلك الليلة إلى قنطرة نهر ميمون، فقطعوها ليمنعوه العبور فلما أصبح أمر، فصيح بالزنج، فعبروا دجيلا، وأخذ في مؤخر الكرخ حتى وافى نهر ميمون، فوجد القنطرة مقطوعة، والناس في شرقي النهر والسميريات في بطنه، والدبيلا في السميريات، وأهل القرى في الجريبيات والمجونحات، فأمر أصحابه بالإمساك عنهم، وأن يرحلوا عن النهر توقيا للنشاب، ورجع فقعد على مائة ذراع من القرية، فلما لم يروا أحدا يقاتلهم خرج منهم قوم ليعرفوا الخبر، وقد كان أمر جماعة من أصحابه، فأتوا القرية، فكمنوا فيها مخفين لأشخاصهم، فلما أحسوا خروج من خرج منهم، شدوا عليهم، فأسروا اثنين وعشرين رجلا، وسعوا نحو الباقين، فقتلوا منهم جماعة على شاطئ النهر، ورجعوا إليه بالرءوس والأسرى، فأمر بضرب أعناقهم بعد مناظرة جرت بينه وبينهم، وأمر بالاحتفاظ بالرءوس، وأقام إلى نصف النهار، وهو يسمع أصواتهم، فأتاه رجل من أهل البادية مستأمنا، فسأله عن غور النهر، فأعلمه أنه يعرف موضعا منه يخاض، وأعلمه أن القوم على معاودته بجمعهم يقاتلونه، فنهض مع الرجل حتى أتى به موضعا على مقدار ميل من المحمدية، فخاض النهر بين يديه، وخاض الناس خلفه، وحمله ناصح المعروف بالرملي، وعبر بالدواب، فلما صار في شرقي النهر كر راجعا نحو نهر ميمون، حتى أتى المسجد فنزل فيه، وأمر بالرءوس فنصبت، وأقام يومه، وانحدر جيش رميس بجمعه في بطن دجيل، فأقاموا بموضع يعرف بأقشى بإزاء النهر المعروف