معهما في الجانب الشرقي من النهر كمينا وشبلا وحسينا الحمامي في جماعة من أصحابه في الجانب الغربي بمثل ذلك، وأمر علي بن أبان ومن بقي معه من جمعه بتلقى القوم، وان يجثوا لهم فيمن معه، ويستتروا بتراسهم فلا يثور إليهم منهم ثائر حتى يوافيهم القوم ويوموا إليهم بأسيافهم، فإذا فعلوا ذلك ثاروا إليهم وتقدم إلى الكمينين: إذا جاوزهما الجمع وأحسا بثورة أصحابهم إليهم أن يخرجا من جنبتي النهر، ويصيحا بالناس وأمر نساء الزنج بجمع الآجر وإمداد الرجال به قال: وكان يقول لأصحابه بعد ذلك: لما أقبل إلي الجمع يومئذ وعاينته رأيت أمرا هائلا راعني، وملأ صدري رهبة وجزعا، وفزعت إلى الدعاء، وليس معي من أصحابي إلا نفر يسير، منهم مصلح، وليس منا أحد إلا وقد خيل له مصرعه في ذلك فجعل مصلح يعجبني من كثرة ذلك الجمع، وجعلت أومي إليه أن يمسك فلما قرب القوم مني قلت: اللهم إن هذه ساعة العسرة، فأعني، فرأيت طيورا بيضا تلقت ذلك الجمع، فلم أستتم كلامي حتى بصرت بسميرية قد انقلبت بمن فيها، فغرقوا ثم تلتها الشذا، وثار أصحابي إلى القوم الذين قصدوا لهم فصاحوا بهم وخرج الكمينان عن جنبتي النهر من وراء السفن والرجالة، وخبطوا من ولى من الرجالة والنظارة الذين كانوا على شاطئ النهر المعروف، فغرقت طائفة، وقتلت طائفة، وهربت طائفة نحو الشط طمعا في النجاة، فأدركها السيف، فمن ثبت قتل، ومن رجع إلى الماء غرق، ولجأ من كان على شاطئ النهر من الرجاله الى النهر فغرقوا وقتلوا، حتى ابير أكثر ذلك الجمع، ولم ينج منهم إلا الشريد، وكثر المفقودون بالبصرة، وعلا العويل من نسائهم وهذا يوم الشذا الذي ذكره الناس، وأعظموا ما كان فيه من القتل وكان فيمن قتل من بني هاشم جماعة من ولد جعفر ابن سليمان وأربعون رجلا من الرماة المشهورين، في خلق كثير لا يحصى عددهم.