للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أصبح القوم من غداة يوم الجمعة، فلما كان في آخر الساعة الأولى، ركب موسى بن بغا من دار أمير المؤمنين، وركب الناس معه وهم قدر الف وخمسمائة رجل، حتى خرج من باب الحير الذي يلي القطائع من الجوسق والكرخ، فعسكر هناك، وخرج أبو القاسم أخو المهتدي، ومعه الكرخي، حتى صار الى القوم، وهم زهاء خمسمائة فارس وثلاثة آلاف راجل، وقد كان أبو القاسم انصرف في الليل ومعه التوقيعات، فلما صار بينهم أخرج كتابا من المهتدي نسخته شبيه بالكتاب الذي في درجه التوقيعات فلما قرأ الكتاب ضجوا، واختلفت أقاويلهم، وكثر من يلحق بهم من رجالة الموالي من ناحية سامرا في الحير، فلم يزل أبو القاسم ينتظر أن ينصرف من عندهم بجواب يحصله يؤديه إلى أمير المؤمنين، فلم يتهيأ ذلك إلى الساعة الرابعة، وانصرفوا، فطائفة يقولون: نريد أن يعز الله أمير المؤمنين، ويوفر علينا أرزاقنا، فإنا قد هلكنا بتأخيرها عنا وطائفة يقولون: لا نرضى حتى يولي علينا أمير المؤمنين إخوته، فيكون واحد بالكرخ، وآخر بالدور، وآخر بسامرا، ولا نريد أحدا من الموالي يكون علينا رأسا وطائفة تقول:

نريد أن يظهر صالح بن وصيف- وهي الأقل.

فلما طال الكلام بهذا منهم، انصرف أبو القاسم إلى المهتدي بجملة من الخبر، وبدأ بموسى في الموضع الذي هو معسكر فيه، فانصرف بانصرافه، فلما صلى المهتدي الجمعة صير الجيش إلى محمد بن بغا، وأمره بالمصير إلى القوم مع أخيه أبي القاسم، فركب معه محمد بن بغا في زهاء خمسمائة فارس، ورجع موسى إلى الموضع الذي كان فيه بالغداة، ومضى ابو القاسم ومحمد ابن بغا حتى خالطا القوم، وأحاط الجميع به، فقال أبو القاسم لهم: إن أمير المؤمنين يقول: قد أخرجت التوقيعات لكم بجميع ما سألتم، ولم يبق لكم مما تحبون شيء إلا وأمير المؤمنين يبلغ فيه الغاية، وهذا أمان لصالح بن وصيف بالظهور وقرأ عليهم أمانا لصالح، بأن موسى وبايكباك سألا أمير المؤمنين أعزه الله ذلك، فأجابهما إليه، وأكده بغاية التأكيد، ثم قال: فعلام

<<  <  ج: ص:  >  >>