للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتماعكم! فأكثروا الكلام، فكان الذي حصله عند انصرافه أن قالوا: نريد أن يكون موسى في مرتبة بغا الكبير، وصالح في مرتبة وصيف أيام بغا، وبايكباك في مرتبته الأولى، ويكون الجيش في يد من هو في يده، الى ان يظهر صالح ابن وصيف، فيوضع لهم العطاء، وتتنجز لهم الأرزاق بما في التوقيعات.

فقال: نعم فانصرف القوم، فلما صاروا على قدر خمسمائة ذراع اختلفوا، فقال قوم: قد رضينا، وقال قوم: لم نرض، وانصرف رسل المهتدي إليه: إن القوم قد تفرقوا، وهم على أن ينصرفوا، فانصرف موسى عند ذلك، وتفرق الناس إلى مواضعهم من الكرخ والدور وسامرا فلما كان غداة يوم السبت، ركب ولد وصيف وجماعة من مواليهم وغلمانهم، وتنادى الناس: السلاح! وانتهب دواب العامة الرجالة، رجالة أصحاب صالح بن وصيف، ومضوا فعسكروا بسامرا في طرف وادي إسحاق بن إبراهيم، عند مسجد لجين أم ولد المتوكل وركب أبو القاسم عند ذلك يريد دار المهتدي، فمر بهم في طريقه، فتعلقوا به وبمن كان معه من حشمه وغلمانه، فقالوا له: تؤدي إلى أمير المؤمنين عنا رسالة؟

فقال لهم: قولوا، فخلطوا ولم يتحصل من قولهم شيئا إلا: إنا نريد صالحا، فمضى حتى أدى إلى أمير المؤمنين ذلك وإلى موسى، وجماعة القواد حضور.

فذكر عمن حضر المجلس أن موسى بن بغا، قال: يطلبون صالحا مني، كأني أنا أخفيته وهو عندي! فإن كان عندهم فينبغي لهم أن يظهروه.

وتأكد عندهم الخبر باجتماع القوم، وتحلب الناس إليهم، وتهايجوا من دار أمير المؤمنين، فركبوا في السلاح، وأخذوا في الحير حتى اجتمعوا ما بين الدكة وظهر المسجد الجامع، فاتصل الخبر بالأتراك ومن كان ضوى إليهم، فانصرفوا ركضا وعدوا لا يلوي فارس على راجل، ولا كبير على صغير حتى دخلوا الدروب والأزقة، ولحقوا بمنازلهم، وزحف موسى وأصحابه جميعا، فلم يبق بسامرا قائد يركب إلى دار أمير المؤمنين إلا ركب معه، ولزموا الحير

<<  <  ج: ص:  >  >>