قواد الشاكرية عتاب بن عتاب حين جاء برأس بايكباك إليهم، وقتل المهتدي- فيما قيل- في الوقعة عدة كثيرة بيده، ثم جرى بينهم وبينه بعد أن حبس كلام شديد، وأرادوه على الخلع فأبى، واستسلم للقتل، فقالوا: أنه كان كتب رقعة بيده لموسى بن بغا وبايكباك وجماعة من القواد، أنه لا يغدر بهم ولا يغتالهم، ولا يفتك بهم، ولا يهم بذلك، وأنه متى فعل ذلك بهم أو بأحد منهم ووقفوا عليه فهم في حل من بيعته، والأمر إليهم يقعدون من شاءوا.
فاستحلوا بذلك نقض أمره.
وقد كان يارجوخ بعد انهزام الناس صار إلى الدار، فأخرج من ولد المتوكل جماعة، فصار بهم إلى داره، فبايعوا أحمد بن المتوكل المعروف بابن فتيان يوم الثلاثاء لثلاث عشرة خلت من رجب، وسمي المعتمد على الله، وأشهد يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب على وفاة المهتدي محمد بن الواثق، وأنه سليم ليس به إلا الجراحتان اللتان نالتاه يوم الأحد في الوقعة، إحداهما من سهم والأخرى من ضربة، وصلى عليه جعفر بن عبد الواحد وعدة من إخوة أمير المؤمنين، ودفن في مقبرة المنتصر، ودخل موسى بن بغا ومفلح سامرا يوم السبت لعشر بقين من رجب، فسلم على المعتمد فخلع عليه، وصار إلى منزله وسكن الناس.
وقال بعضهم- وذكر أنه كان شاهدا أمرهم: لما كان ليلة الاثنين لليلة خلت من رجب ثار أهل الكرخ والدور جميعا، فاجتمعوا، وكان المهتدي يوجه إليهم إذا تحركوا أخاه عبد الله، فوجه إليهم في هذا اليوم عبد الله أخاه كما كان يوجهه، فصار إليهم، فوجدهم قد أقبلوا يريدون الجوسق، فكلمهم، وضمن لهم القيام بحوائجهم، فأبوا وقالوا: لا نرجع حتى نصير إلى أمير المؤمنين ونشكو إليه قصتنا فانصرف منهم عبد الله، وفي الدار في هذا الوقت أبو نصر محمد بن بغا وحبشون وكيغلغ ومسرور البلخي وجماعة، فلما أدى عبد الله إلى المهتدي ما دار بينه وبينهم، أمره بالرجوع إليهم، وأن يأتي بجماعة منهم فيوصلهم إليه، فخرج فتلقاهم قريبا من الجوسق، فأدارهم على أن يقفوا بموضعهم، ويوجهوا معه جماعة منهم فأبوا فلما تناهى ظهر