للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى أبي نصر ومن كان معه في الدار بأن جمعهم قد أقبل، خرجوا جميعا من الدار مما يلي باب النزالة، فلم يبق في الدار إلا مسرور البلخي وألطون خليفه كيغلغ، ومن الكتاب عيسى بن فرخان شاه، ودخل الموالي مما يلى باب القصر الأحمر، فملئوا الدار زهاء أربعة آلاف، فصاروا إلى المهتدي، فشكوا إليه حالهم.

وكان اعتمادهم في مسألتهم أن يعزل عنهم أمراءهم، ويضم أمورهم إلى إخوة أمير المؤمنين، وأن يؤخذ الأمراء والكتاب بالخروج مما اختانوه من أموال السلطان، وذكروا أن قدره خمسون ومائة ألف ألف فوعدهم النظر في أمرهم وإجابتهم إلى ما سألوا، فأقاموا يومهم ذلك في الدار، فوجه المهتدى محمد ابن مباشر الكرخي، فاشترى لهم الأسوقة، ومضى أبو نصر بن بغا من فوره ذلك، حتى عسكر في الحير بالقرب من موضع الحلبة، فلحق به زهاء خمسمائة رجل، ثم تفرقوا عنه في ليلتهم، فلم يبق إلا في أقل من مائة، ومضى فصار إلى المحمدية، وأصبح الموالي في غداة يوم الأربعاء يطالبون بما كانوا يطالبون به أولا، فقيل لهم: إن هذا الأمر الذي تريدونه أمر صعب، وإخراج الأمر عن أيدي هؤلاء الأمراء ليس بسهل عليكم، فكيف إذا جمع إلى ذلك أخذهم بالأموال! فانظروا في أموركم، فإن كنتم تظنون أنكم تصبرون على هذا الأمر حتى يبلغ منه غايته أجابكم إليه أمير المؤمنين، وإن تكن الأخرى فإن أمير المؤمنين يحسن لكم النظر فأبوا إلا ما سألوه أولا، فدعوا إلى إيمان البيعة على أن يقيموا على هذا القول، ولا يرجعوا عنه، وأن يقاتلوا من قاتلهم فيه، وينصحوا لأمير المؤمنين ويوالوه فأجابوه إلى ذلك، فأخذت عليهم أيمان البيعة، فبايع في ذلك اليوم زهاء الف رجل وعيسى بن فرخان شاه الذى تجرى على يده الأمور، ومقامه مقام الوزير ثم كتبوا إلى أبي نصر كتابا عن أنفسهم، كتبه لهم عيسى بن فرخان شاه، يذكرون فيه إنكارهم خروجه من الدار عن غير سبب، وأنهم إنما قصدوا أمير المؤمنين ليشكوا إليه حاجتهم، وأنهم لما وجدوا الدار فارغة أقاموا فيها، وأنهم إذا عاد ردوه إلى حاله، ولم يهيجوه وكتب عيسى عن الخليفة بمثل ذلك إليه، فأقبل من المحمدية بين العصر والعشاء، فدخل

<<  <  ج: ص:  >  >>