الدار، ومعه أخوه حبشون وكيغلغ وبكالبا وجماعة منهم، فقام الموالي في وجوههم معهم السلاح، وقعد المهتدي، فوصل إليه أبو نصر ومن معه، فسلم عليه، ودنا فقبل يد المهتدي ورجله والبساط، وتأخر فخاطبه المهتدي بأن قال له: يا محمد، ما عندك فيما يقول الموالي؟ قال: وما يقولون؟ قال:
يذكرون أنكم احتجنتم الأموال، واستبددتم بالأعمال، فما تنظرون في شيء من أمورهم، ولا فيما عاد لمصلحتهم فقال محمد: يا أمير المؤمنين، وما أنا والأموال! ما كنت كاتب ديوان، ولا جرت علي يدي أعمال فقال له:
فأين هي الأموال؟ وهل هي إلا عندك وعند أخيك، وكتابكم وأصحابكم! ودنا الموالي، فتقدم عبد الله بن تكين وجماعة منهم، فأخذوا بيد أبي نصر وقالوا: هذا عدو أمير المؤمنين، يقوم بين يديه بسيف، فأخذوا سيفه، ودخل غلام لأبي نصر كان حاضرا يقال له ثيتل، فسل سيفه، وخطا ليمنعهم من أبي نصر، وكانت خطوته تلي الخليفة، فسبقه عبد الله بن تكين، فضرب رأسه بالسيف، فما بقي في الدار أحد إلا سل سيفه، وقام المهتدي، فدخل بيتا كان بقربه، وأخذ محمد بن بغا، فأدخل حجرة في الدار، وحبس أصحابه الباقون، وأراد القوم قتل الغلام، فمنعهم المهتدي، وقال: إن لي في هذا نظرا ثم أمر فأعطي قميصا من الخزانة، وأمر بغسل رأسه من الدم، وحبس.
فأصبح الناس يوم الأربعاء وقد كثروا، والبيعة تؤخذ، ثم امر عبد الله ابن الواثق بالخروج إلى الرفيف في ألف رجل من الشاكرية والفراغنة وغيرهم، وكان ممن أمر بالخروج من قواد خراسان محمد بن يحيى الواثقي وعتاب بن عتاب وهارون بن عبد الرحمن بن الأزهر وإبراهيم أخو أبي عون ويحيى بن محمد بن داود وولد نصر بن شيث وعبد الرحمن بن دينار وأحمد بن فريدون وغيرهم.
ثم إن عبد الله بن الواثق بلغه عن هؤلاء القواد أنهم يقولون: أنه ليس بصواب شخوصهم إلى تلك الناحية، فترك الخروج إليها